موقع الإمام الشيرازي
سيثير جدلا.. هذا وصف الكتاب بإيجاز!
ولا يقتصر هذا الجدل في قضايا الدولة كما يوحي
العنوان إنما النقاش فيه والاختلاف حوله سيتجاوز دائرة الدولة بشكلها
الحالي - الذي يتكون من سلطات ثلاث (التشريعية والتنفيذية
والقضائية)ويقوم على الفصل بين تلك السلطات- الى قضايا أساسية في الدين
والمجتمع والتاريخ مرورا بتجارب الحكم المتقدمة في توفير العدل
والحريات وحقوق الإنسان، بالإضافة الى تجارب أنظمة استبدادية ما زالت
تقمع شعوبها وتكبلها بمعيشة بائسة وحياة حالكة.
يتوقع المؤلف أن دائرة رفض الكتاب قد تكون واسعة
بحكم الأفكار الجديدة التي يحملها الكتاب والتي تكسر حواجز التفكير
الدائرة والسائدة في التأليفات والندوات
والدراسات التي تبحث عن ضمانة - أقوى من منظومة السلطات الثلاث - تحفظ
الشعب والدولة من الاستبداد، وصولا الى وسيلة - أكثر جدوى وفاعلية -
تصد الفشل والفساد الذي يضرب دول العالم اليوم؛ وكما هو سائد منذ عقود.
مع ذلك، يرى المؤلف في دائرة الرفض والنقاش فرصة
مهمة لتطوير مضامين الكتاب. وبغض النظر عن النزعة التجديدية التي
عُرفَت بها الأسرة العلمية الشيرازية، فإن مما يريده المؤلف بهذا
الكتاب تحريك الساكن الفكري والسياسي والديني والثقافي نحو التفكير بحل
للواقع المأزوم الذي يحاصر الإنسان في الكثير من بلاد العالم، وفي بلاد
المسلمين على وجه الخصوص. رغم تأكيد المؤلف أن دائرة البحث تشمل كافة
الحكومات الدينية والوطنية والعلمانية الفلسفية والسياسية، فالمخاطب
بهذه الأطروحة ليس المسلمون أو المتدينون فقط، فإنه مقترح ينطلق من
منطلقات إنسانية ومن دائرة المستقلات العقلية والضرورات الفطرية.
الكتاب هو بحث عن صيغة جديدة مقترحة لإعادة
هيكلة الحكومات وإعادة بنائها على أعمدة السلطات العشر الأصلية ثم
السلطات العشر الأخرى الفرعية لا السلطات الثلاث فقط والتي توصل إليها
– أو طوّرها – المفكر الفرنسي (مونتسكيو 1689-1755م) وهي السلطات
التشريعية والتنفيذية والقضائية.
في الوقت نفسه، يبحث الكتاب عن إعادة هيكلة
البرلمان على قاعدة البرلمانات المتوازية؛ بالتالي، هو محاولة جريئة
ومتقدمة لتفتيت السلطة وتوزيعها والتوازن
بينها بحيث تضيق أو تتحجم مساحة الاستبداد، وتحدّ من مصادرة الحكومات
للحقوق المدنية والسياسية العامة والخاصة، إلى أدنى درجة.
الدافع الرئيس لتأليف الكتاب هو أن المؤلف يسعى
الى تطوير نظام فصل السلطات وتوازنها الذي يُعتَبر خطوة إلى الإمام
لتفكيك الاستبداد عبر تفتيت السلطة وتقسيمها إلى السلطات الثلاث. يرى
المؤلف أن هذه الخطوة ليست كافية أبداً؛ نظراً لـ"امتلاك السلطة
التنفيذية قدرات هائلة جداً، حتى بعد فصل القوة القضائية والسلطة
التشريعية عنها وامتلاك الأخيرة صفة الرقابة على السلطة التنفيذية، إذ
تتمركز في أيدي السلطة التنفيذية، عملياً، كافة أدوات القوة العسكرية
والسياسية والاقتصادية والعلمية وغيرها: كالجيش والشرطة والمخابرات،
وكالضرائب والثروات الطبيعية والصناعات الأمّ، وكالخارجية والداخلية،
والكهرباء والماء والطاقة، وكالتعليم والتربية والإعلام والثقافة."
مع ذلك، يبيّن المؤلف أن الكتاب يخاطب أولاً
الديمقراطيات المستقرة الحافلة بأعداد كبيرة ونوعيات مميزة من مؤسسات
المجتمع المدني، كالهند واليابان ومعظم البلاد الأوروبية وأمريكا وكندا
واستراليا وشبهها.
وقد لا يظهر جلياً أن الكتاب يتناول أطروحتين:
الأولى، أطروحة أكثر تكاملية من نظرية فصل
السلطات الثلاث، وهي (السلطات العشر) مع الملحق بها وهو (السلطات
الفرعية العشر) لتتكون منها (السلطات العشرون) بين أصلية وفرعية.
الثانية، أطروحة لتطوير البنية الداخلية
للبرلمان ليتكون من عشر برلمانات متوازية – متعاونة بدل الصيغة
المعهودة في عالم اليوم إذ يتكون برلمان بعض الدول المتقدمة من
برلمانيين فقط.
منهج البحث - في هذا الكتاب -هو المنهج
التحليلي والنقدي مع مداخلات فلسفية – اجتماعية – إبداعية في الوقت
نفسه،يُسنَد بالمنهج الفطري – الوجداني إضافة للمنهج النقلي.
إن أطروحة "السلطات العشر والبرلمانات
المتوازية" هي طريقة حكم جديدة، لوضع البلاد والشعب على طريق القيم
الإنسانية التي تضمن العدالة والحريات والرفاه للجميع، من خلال تقسيم
السلطة وضبطها وتوظيفها إيجابياً عبر آلية متطورة تحول دون تمركز
القدرة بيد شخص أو عائلة أو طبقة معينة تخنق الكفاءات وتصادر الحقوق
وتكبت الناس، كما أنها توسع قاعدة المشاركة الجماهيرية وتمنح مجالاً
أفضل للكفاءات وذوي التخصصات.
يهدف الكتاب الى تعزيز قوة واستقلالية المؤسسات
الرقابية من أجل ضمان وصول الحقوق والموارد لأولئك الذين هم في أمسّ
الحاجة إليها، وضمان الشفافية لمكافحة المخالفات التي تساهم في توفير
بيئة حاضنة للفشل والفساد.بالموازاة، الأطروحة في هذا الكتاب تساهم في
تشكيل دعامات جديدة متينة للدفاع عن الحريات والقيم الديمقراطية،وترسيخ
الأسس الرصينة لمساءلة المسؤول في أي منصب أو موقع كان.
وفي التفاتة موضوعية مهمة، وتوخياً لمزيد من
الإتقان والتطوير والكمال، جرى عرض مسودة هذا الكتاب على عدد من
المفكرين والأكاديميين وأساتذة الخارج في الحوزة العلمية، ليأشروا الى
مكامن الخلل أو مواطن النقص في الأطروحة، أو ليقترحوا تطويراً في بعض
جوانبها، وقد قدموا مقترحات وعرضوا إشكاليات، وقد أجاب المؤلف عن
العديد منها في ثنايا الكتاب؛ بحسب تصريح المؤلف، أو طوّر الأطروحة
بحيث تتجاوز تلك الإشكالية، أو غيَّر في
طريقة عرض الفكرة كي لا يُتوهم ورود الإشكال عليها، وقد وصف المؤلف تلك
المشاركة النخبوية النقدية بأنها كانت – على مستوى النقد والتحليل
والاقتراح - مفيدة جداً لإثراء الأطروحة.مع ذلك، يؤكد المؤلف أن البحث
مازال مطروحاً للمناقشة والبحث والجرح والتعديل من قبل العلماء
والفضلاء والمفكرين ومراكز الدراسات.
13/ جمادى الأولى/1443هـ |