الأمة تحتفل بمولد نبيها ... ولكن!!

 

موقع الإمام الشيرازي

في العشرة الثانية من شهر ربيع الأول من كل عام، يحتفل المسلمون بالمولد النبوي الكريم شاكرين الله على تلك الرحمة المرسلة منه تعالى للناس كافة (محمد بن عبد الله) الذي أرسل داعياً الى الحق وشاهداً ومبشراً ونذيراً، وفي الوقت نفسه يستحضر المحتفون بهذه الذكرى الزاهرة حياته (صلى الله عليه وآله) بمشاهدها الروحية والأخلاقية والتربوية والاجتماعية والإنسانية لتكون دليلاً في بناء الإنسان الصالح والمجتمع الفضيل والأمة الحية والقوية حيث ولد (صلى الله عليه وآله) وأهل الأرض ملل متفرقة، وأهواء منتشرة، فهداهم من الضلالة، وأنقذهم من الجهالة، وبين لهم سبل الخير، وحذرهم من طريق الشر، وحثهم على التعاون فيما بينهم على البر والتقوى، ونهاهم عن الإثم والعدوان.  

لقد دعا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وسعى على مدى سنوات عمره الشريف الى الإصلاح والبناء إنطلاقاً من (الإنسان – الفرد) باتجاه الأمة والإنسانية جمعاء، وقد ابتدأ (صلى الله عليه وآله) في إصلاحه العظيم بنفسه وأهل بيته وإنذار عشيرته فكان أن عرف (صلى الله عليه وآله) قبل بعثته بـ(الصادق الأمين)، ورحل عن الدنيا بعد أن أوصى علياً (عليه السلام) بقضاء دينه، وبعد أن صرفت نحوه (صلى الله عليه وآله) أفئدة الأبرار، ودفنت به الضغائن، وبعد أن أعز الله به أذلة، وألف إخواناً، ولم يترك النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أمته في مهب ريح التفرق والضعف والانفلات إنما ترك ما يحفظ دينها، ويرسخ مكارم الأخلاق في نفوس أبنائها وأفعالهم، ويوفر للناس حياة السلام والرفاه فقال (صلى الله عليه وآله): "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي أبداً".

واليوم وحيث تحتفل بمولده (صلى الله عليه وآله)، جدير بالأمة أن تشعر بالحزن على ما وصلت إليه الأمة من أوضاع مأزومة وأحوال متهالكة، وتكفير بعضها لبعض آخر واتهامه بالضلال، وتبرير بعض قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتخريب ممتلكات الناس، وتهديد الأمن العام، وكل ذلك يجري باسم الإسـلام بينما الذي يدخل أكبر السرور الى قلب مَنْ أرسل "رحمة للعالمين" غياب مظاهر الجوع والجهل والبطالة والمرض والعنوسة والفقر والتخلف، وبناء أجيال متعلمة، وصناعة مجتمعات حرة وحكومات عادلة عندها يمكن الجهر بأننا أتباع "الصادق الأمين".

17/ربيع الأول/1433