كتابات (51): صدقوا المقابر الجماعية

من مقال حسن عبد راضي     

 

كتب حسن عبد راضي في مقال في صحيفة الصباح العراقية بتاريخ 12/جمادى الآخرة/1432:

كان نظام الطاغية المقبور صدام "يبدع" في طرق القتل، ناهيك عن طرق التخلص من آثار الجريمة، فقد دفن الناس أحياء بالمئات والآلاف، أو قتلهم ثم ألقاهم في قبور جماعية... لقد أحال المدن إلى مزارع بشرية، كان يدفن الناس كالبذور، في كل مكان، ولم يكن ليتورع عن تجريف العراق كله لو اقتضاه قمع الانتفاضة ذلك.. لكن الغريب أن أشقاءنا ظلوا غير مصدقين أن النظام قد فعل كل ذلك بنا. وبعد سقوطه المدوي في عام 2003 وحين ظهرت الأدلة الدامغة على جرائمه الوحشية؛ رفات الشهداء وما بقي من أجسادهم الطاهرة.. الأطفال مع "ألعابهم" والنساء بعباءاتهن، والرجال بيشاميغهم أو زي الجامعة أو ملابس العمل.. أنكر العرب أن يكون ذلك صحيحاً، وقالوا يومها أن أميركا جلبت كل ذلك معها!!

واليوم لا أدري هل سيصدق أخواننا العرب في كل مكان أن تضحياتنا نحن العراقيين وعذابنا ومقابرنا ودموع أمهاتنا الثكالى ويُتـْم أبنائنا، وأشياء أخرى لا يحيط بها الإحصاء لكثرتها.. كانت كلها صحيحة..

هل سيدركون ذلك وهم يدفنون شهداء انتفاضاتهم؟

وهل علينا في سياق الرد بالمثل، أن نكذبهم وأن ندعم جلاديهم؟ أن نقول مثلاً أن جثامين الشهداء ليست سوى نسخ شمعية! وأن قنابل الغاز التي تطلقها قوات الأمن ليست سوى "معطر للجو" إننا على الرغم من كل ما نعانيه اليوم من إرهاب ما زال أشقاؤنا العرب يغذونه بالحطب والبهائم كلما أوشك على الانطفاء، إلا أننا وقفنا إلى جانبهم، ولم ننظر إلى مذاهبهم أو أعراقهم أو أديانهم، دعمناهم شعوباً وقبائل، وشجبنا ما فعلته بهم حكوماتهم الظالمة.

إذن أيها الأخوة... صدقوا مقابرنا لأنها تقول الحقيقة، تماماً كما تفعل تضحياتكم اليوم.. وحســـبكمُ هذا التفاوت بيننا.....!

www.alshirazi.com