كتابات (48): لأنهم شيعة

زينب رشيد     

 

موقع الإمـام الشيرازي

لأن أغلبية أهل البحرين الثائرين على الظلم والجور والطغيان من الطائفة الشيعية الكريمة، فهذا يعني إنهم كلهم عملاء وخونة ومجوس وروافض وربما أكثر من ذلك.

ولأنهم شيعة، فلا مانع من أن تُجيش الجيوش وتزحف باتجاه البحرين، لتقتل أبناء البحرين وتفرق تجمعاتهم ومظاهراتهم السلمية، وقد شاهدنا صوراً مروعة لجرائم فظيعة لا يمكن لمن ارتكبها أن يكون من الصنف البشري تماماً.

ولأنهم شيعة، يحدث هذا الغزو السعودي والاماراتي يرافقه دعم قطري من خلال الصمت شبه الكامل للإعلام القطري، الذي لم يتردد لحظة بتجييش العالم ضد النظم القمعية التي لا تختلف عن النظام البحريني وربما تكون أفضل منه في أكثر من شأن، وقد سلط ذاك الإعلام الضوء وأعاد وكرر الإعادة عشرات المرات لصور ضحايا جرائم القذافي في ليبيا، وهو محظور عليه رسمياً العمل هناك، بينما يتجاهل تلك الصور القادمة من البحرين التي امتلأت بها مواقع الإنترنت وهي أكثر إجراماً بكثير من الصور القادمة من ليبيا.

ولأنهم شيعة، فقد توحد ولأول مرة عرب الخليج وبادروا "بلمح البرق" بإرسال قواتهم المدججة بأنواع الأسلحة لقتل شيعة البحرين، فيما رأيناهم سابقاً لم يتفقوا على شيء حتى مجرد الاتفاق على عملة خليجية موحدة. إنه إدمان على قتل الشيعة أكده سابقاً صمتهم المطبق على ما جرى في العراق من عمليات إبادة جماعية لأبناء الشيعة على يد نظام الديكتاتور البائد، ومن بعده على يد مسلمون سنة من كل الجنسيات وفي المقدمة منهم من أتباع الجنسية السعودية.

لأنهم شيعة، لا يتردد من يصفون أنفسهم بالمثقفين الليبراليين الأحرار بوصف مظاهرات أهل البحرين بأنها جزء من مؤامرة صفوية مجوسية، هدفها القضاء على الحكم في البحرين، دون أن يقول لنا هؤلاء هل من حق أغلبية أهل البلد - أي بلد - أن يقيموا ما يروه من نظام حكم وأن يكون لهم ما يشاؤون من علاقات أم لا، أم إن الحريات والحقوق التي يدافع عنها هؤلاء هي حكراً على أهل السنة، وما على الشيعة إلا أن يكونوا بأمرة أهل السنة وعبيداً لسادية بعضهم.

لأنهم شيعة، فهم متهمون بأنهم "علقميون" في حين إن الطاغية هذه المرة هو من استعان بقوات أجنبية لتساعده على قتل شعبه الذي كان كريماً معه حتى اللحظة ولا يطالب إلا بما هو حق له ضمنته وكفلته كل الأعراف والشرائع والمواثيق إلا شرعة "بنو وهاب" الذي لا يرون مؤمناً غيرهم ولا صالحاً غيرهم ولا حق بالجنة لغيرهم وقبل ذلك لا حق بالحياة إلا لهم.

المجزرة التي حصلت وما زالت في البحرين ضد أغلبية أهلها مجزرة رهيبة، وهي لن تتوقف طالما قوات الغزو الخليجي تدنس أراضي البحرين، لكن ارتكاب مثل هذه المجازر لن يحل المشكلة ويُسكت أهل البحرين ويمنعهم عن المطالبة بحقوقهم المشروعة، فلا حلول أمنية لمشاكل سياسية، وهو الدرس الذي كان يجب على العصابة الحاكمة في البحرين أن تستخلصه من المثال التونسي والمصري وحالياً الليبي، وشعب البحرين لا يقل أبداً عن تلك الشعوب في إصراره على نيل حقوقه كاملة غير منقوصة، وهو إن تأخر حدوثه قليلاً فإنه قادم لا محالة، وستبقى البحرين عزيزة كريمة ووطناً لجميع أبناءها.

ختاماً، لا بد لي من أن أتوجه بالتحية والشكر لدولة الكويت على موقفها النبيل، مهما كانت أسبابه، بالامتناع عن المشاركة في هذه المجزرة وهو شكر لا بد منه، ومن المؤكد أن شعب البحرين سيسجل لدولة الكويت موقفها، فنحن الآن في عصر كتابة التاريخ بأحداثه الحقيقية وليست المزيفة كما اعتدنا عبر مئات السنين، وكل شعب سيدوّن بالشكر والعرفان من وقف معه وبالخزي والعار من وقف بوجهه ووجه طموحاته وشارك في قتله فعلاً أو صمتاً.

ملاحظة: أنا كاتبة مسلمة سنية

8/جمادى الأولى/1432