كتابات (45): احتجاجات البحرين وتداعياتها

من مقال لـ عبد العظيم حنفي    

  

موقع الإمـام الشيرازي
بدأ الشباب البحريني حملة احتجاج في 14 فبراير تبلورت في التواجد الاعتصامي في ميدان اللؤلؤة اقتداءاً بميدان التحرير في الثورة المصرية، ومعظم الشباب المحتج هو من الشيعة التي تشير معظم التقديرات إلى أن أكثر من 70 في المائة من السكان الذي يبلغ عددهم نحو مليون نسمة هم شيعة... المعارضة الشيعية في البحرين ترى أن صراعها الأساسي هو نظام الحكم ذي الأساس القبلي على اعتبار أن التقاليد القبلية تنكر على المواطنين حقهم الدستوري في المشاركة السياسية، وترى أن أقصى ما يمكن أن يسمح به هو إبداء النصح والمشورة في بعض المسائل العامة وللأمير بعد ذلك حق الاختيار بين القبول والرفض.
على المستوى التشريعي هناك ضعف في فاعلية المجلس النيابي في الحياة السياسية مع استمرار الأساليب القديمة في التعامل مع الطائفة الشيعية مما أدى في النهاية إلى اندلاع أحداث عنف شديدة في نهاية عام 1994 كما شهدت البحرين بين عامي 1995 – 1996 انتفاضات جماهيرية.
في السلطة القضائية يتم اختيار القضاة من الأسرة الحاكمة أو من القبائل السنية ولا يتجاوز نصيب الشيعة قاضيين فقط من إجمالي خمسين قاضياً. كما أن اثنين من أعلى قضاة محكمة امن الدولة الثلاث من أبناء الأسرة الحاكمة هذا علماً بأنه لا يوجد مجلس أعلى لمحاسبة القضاة. كما تم دمج المحاكم السنية والشيعية في نظام قضائي موحد وأصبحت المحاكم الشرعية للطائفتين تابعة لمحكمة البحرين المركزية، وهى أعلى سلطة قضائية في البلاد، وأصبحت القضايا المختلطة ترفع إلى هذه المحكمة وتحول منها إلى المحاكم الشرعية في بعض الأحوال، وقد أدت هذه البيروقراطية القضائية إلى إضعاف المركز الاجتماعي لقضاة الشرع الشيعة.
على المستوى الإعلامي يلاحظ أن هناك تجاهلاً للمذهب الجعفري من قبل وسائل الإعلام ومن قبل وزارة التربية والتعليم فلا يدرس هذا المذهب في المدارس الرسمية أسوة بالمذاهب السنية الأربعة كما أن هناك تعتيماً على الثقافة والتراث الشيعيين.
هذا إضافة إلى التفاوت في توزيع الدخل القومي بين الشيعة والسنة فالدولة تلعب دور المهيمن على الحياة الاجتماعية والاقتصادية على نحو يؤثر على وضع مختلف فئات المجتمع بخلاف فئة محدودة هي الأسرة الحاكمة التي تجمع بين يديها عناصر الثروة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وبالرغم من عدم وجود بيانات رسمية عن نصيب مختلف الفئات الاجتماعية من الدخل القومي في البحرين إلا أن هناك العديد من المؤشرات لواقع التفاوت الاجتماعي وعمقه، فهناك تباين حاد في توزيع الدخل القومي بين الفئات الاجتماعية، واختلال كبير في توزيع الإنفاق العام، وتفاوت في توزيع الملكية الزراعية، وتباين حاد في الأوضاع المعيشية.
تتوقف التطورات في البحرين على مدى نجاح الحوار على قبول الحكم بقيام بناء دستوري وقانوني يكفل لكافة المواطنين، بصرف النظر عن اختلاف أعراقهم وأديانهم وأجناسهم والمساواة في الحقوق والواجبات المادية والمعنوية.

9/ ربيع الثاني/ 1432
منبر الحرية