كتابات (44): إلا رحيـــل الأنظمـــة!ّ!

من مقال لـ جمال الخرسان

  

موقع الإمــام الشيرازي

23/ربيع الأول/1432

حتى الأمس القريب كانت شعوب المنطقة مخيرة بين نموذجين ليس بينهما ثالث، فأما الاستقرار الأمني والهدوء، وهذا يعني بقاء الحال على ما هو عليه، وبقاء الحاكم الواحد الأوحد! وأما التغيير والتبادل السلمي للسلطة وضريبة ذلك إرهاب.. فوضى.. خراب، ووصول حال كما هو عليه العراق في السنوات الماضية الذي أصبح مضرباً للمثل بالنسبة للإعلام الرسمي العربي! وعصى يلوح بها كلما لاحت رياح التغيير. ولأن دوام الحال من المحال، فإن هذه المعادلة المجحفة سقطت سقوطاً حراً أمام ما حصل من متغيرات الثورات الشعبية... أصبح الكل في مركب واحد، فعدم الاستقرار يشمل الجميع، وليس ثمة هنالك مقايضة للأمن مقابل الابتعاد عن السياسة، ذلك الخيار الذي طالما كانت تلوح به القيادات المستبدة: استقرار أمني أو ديمقراطية يختلط فيها الحابل بالنابل، وبذلك تؤمل من يبتعد عن التعاطي مع السياسة بالهدوء الأمني.

القذافي عاد في خطابه الأخير الى هذه النغمة القديمة جداً، وكان يلّوح بالنموذج العراقي في أكثر من مرة! نغمة ربما يحق له أن يعزف عليها قبل أن تبدأ موجة الثورات الشعبية الغاضبة أما اليوم فإن النماذج أصبحت سواسية في عدم الاستقرار لا بل هناك بلدان استقرت أكثر في مرحلة ما بعد التغيير عما كانت عليه قبل ذلك رغم إنها كانت تحكم بالحديد والنار!.

سقطت أقنعة القيادات التاريخية التي كانت - ولا زالت -  تبطش بكل من تسول له نفسه أن يقول كلمة عكس التيار فلم تنفعها شيئاً عقود من الجلوس على الكرسي في مواجهة شباب الفيسبوك الأعزل، بعضهم كان يرد بغزوة الجمال والحمير في مشهد مثير للإشفاق، شاهده الجميع عبر وسائل الإعلام، والبعض الآخر يستورد المرتزقة ويحرق أخضر بلاده ويابسها (لم نستخدم القوة بعد، وإذا تطورت الأمور سنستخدمها: أنا زعيم، مقاتل مجاهد، أنا مجد لا تفرط فيه ليبيا ولا الأمة العربية ولا أمريكا اللاتينية ولا إفريقيا)، وبعضهم بغير ذلك، وكأنهم يعلنون إفلاسهم من أي تجربة يفترض أنهم تعلموها خلال نصف قرن من الإمساك بالحكم، حكام يجدون أنفسهم في مواجهة شعب أعزل لا يهدأ من روعه إلا رحيل القيادات التي طالما وصفت بأنها حكيمة!

باب نيوز