![]() |
![]() |
كتابات (42): الإصلاح الحسيني |
من مقال لـ محمد عبد الجبار الشبوط |
موقع الإمــــــام الشيرازي 25/صفر الأحزان/1432 لماذا لا تتحول المواكب الحسينية الجماهيرية الطوعية الى حركات اجتماعية لتحقيق الإصلاح الحسيني؟ وكيف يمكن تحقيق ذلك؟ هذا هو السؤال المركزي المزدوج الذي يستحق أن يحظى باهتمام المفكرين والعلماء، علماء الدين وعلماء الاجتماع على حد سواء. أسباب طرح هذا السؤال هي: أولاً، إن الإمام الحسين (عليه السلام) قال بعبارة صريحة إنه لم يخرج (= يثور) إلا طلباً للإصلاح في أمة جده (صلى الله عليه وآله)، أي المجتمع الإسلامي القائم في حينه. تلك هي قضية الإمام الحسين (عليه السلام). ليس من الخطأ القول إن الإيمان بالحسين والاقتراب منه، يقتضي الإيمان بقضيته، والعمل على تحقيقها. قضية الإمام الحسين هي الإصلاح في المجتمع، والإيمان بالحسين يعني الإيمان بقضيته ومشروعه الإصلاحي. ثانياً، إن حب الحسين (عليه السلام)يحرك الملايين من الناس الآن، من الذين صاروا يعبرون عن حبهم له وإيمانهم به بالذهاب مشياً الى ضريحه. وإذا كان حب الحسين (عليه السلام) يحرك هذه الملايين، مشياً إليه، فلماذا لا تحركهم قضية الإصلاح في مجتمعهم، كما حركته في مجتمعه؟ لماذا لا يتحول الحب الى اتباع واقتداء ومحاكاة، عملاً بمقتضى قول القرآن الكريم: ”قل: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم.” (سورة آل عمران الآية 31)؟ لماذا لا تكون قضية أولئك الذاهبين مشياً الى كربلاء هي قضية الإصلاح في المجتمع؟ ولماذا لا يكون ذلك تعبيراً صادقا عن الحب والإيمان؟ ثالثاً، إن المجتمع العراقي يعاني من صروف الفساد ما يُعجِز عن الحصر والعد والإحاطة. فبعد 35 سنة من التخريب المنهجي المنظم في الأخلاق والأفكار والسلوك والبنية التحتية والاقتصاد والسياسة والعلاقات وغير ذلك، يكاد يصبح كل شيء في العراق بحاجة الى إصلاح. والإصلاح ينطوي على معنى التغيير، تغيير ما فسد من أمور الناس، وبناء، بناء هذه الأمور بناء جديداً سليماً. ومجتمع هذه حالته حري بأن يوظف كل قدراته وطاقاته من أجل إصلاح ذاته، وهل ثمة قوة أكبر وأكثر حضوراً على الأرض وفي المجتمع من قوة الإيمان الحسيني الذي يحرك الملايين الآن في أكبر تظاهرة بشرية طوعية يمكن أن يكون التاريخ الإنساني قد عرفها؟ هل لدينا قوة أكبر للإصلاح؟ يقولون إن 7 آلاف موكب حسيني قامت بكل ما تتطلبه الزيارة الأربعينية الحسينية، من المشي الى توفير الأكل والمأوى للماشين، فضلاً عن توفير العناية الطبية لهم، وغير ذلك الكثير. وكل هذا يجري بصورة طوعية، فلا فتوى ملزمة، ولا قانون صارم، ولا عقوبات بحق المقصرين. ولا جزاء مادي دنيوي عاجل يكون مطمعاً للماشين. ماذا يحصل لو إن كل موكب من هذه المواكب أخذ على عاتقه أن يقوم بشيء أو بجانب من جوانب الإصلاح في محيطه ومجتمعه المحلي وقريته ومدينته، وما أكثر هذه الجوانب التي تفوق الحصر والعد. موكب يتبنى العمل على المحافظة على نظافة المنطقة، والآخر يتولى مساعدة المحتاجين ورعايتهم، والثالث يعمل على نشر المعرفة بين الناس، ورابع يتصدي لكشف الفساد،.. وهكذا. لماذا لا تتحول المواكب الحسينية بعد الانتهاء من زيارة الأربعين الى ورش عمل اجتماعي للإصلاح؟ يلزم القول في هذا المشروع إن على المؤمنين بحركة الإصلاح الحسينية أن يعكفوا على دراسة الفكر الحسيني والثقافة الحسينية حتى تكون معيناً لهم في مشروعهم الإصلاحي على خطى الحسين. إن دراسة الفكر الحسيني الإصلاحي سوف تمكن هؤلاء من ضبط أعمالهم بموجب معايير الإصلاح التي جاء بها الحسين (عليه السلام) واستشهد من أجلها. يصرف الكثير من الوقت على مدى خمسين يوماً، اعتباراً من الأول من محرم الى العشرين من صفر في المجالس الحسينية والتعازي واللطميات والمسيرات وما أشبه. لماذا لا يتوجه الحسينيون بعد ذلك، فيما تبقى من السنة، الى دراسة الفكر الحسيني والعمل من أجل تحقيق الإصلاح في مجتمعهم كما فعل الإمام الحسين (سلام الله عليه)؟ ربما تكون هذه أفكاراً أولية في إطار توظيف الإيمان الحسيني من أجل الإصلاح الاجتماعي، في مجتمع يملك عدداً هائلاً من المؤمنين، ودرجة عالية من الفساد والتخلف في نفس الوقت. ولا طريقة للخروج من هذا التضاد، إلا بتوظيف الأول من أجل معالجة الثاني!. الصباح |