![]() |
![]() |
كتابات أكثر وضوحاً (35): أخلاقيات الحوار |
من مقال للكاتب محمــد محفــوظ |
موقع الإمــــام الشيرازي 15 / ذو القعدة / 1431 لعل من الأخطاء الشائعة، والتي تساهم في تحويل لحظات الحوار، إلى بيئة للسجال وصناعة المزيد من التشنج النفسي والاجتماعي، هي حينما لا نخلق مسافة بين الأفكار والقناعات، والعقائد والأشخاص الذين يحملون هذه العناوين.. فالدمج بين الأفكار والأشخاص، هو الذي يقود إلى تحويل مواقع الحوار سواء كانت ندوة أو مؤتمراً أو حلقة نقاشية أو لقاء مفتوحاً، إلى حلبة للسجال والتطاحن والتمترس.. فتضيف هذه السجالات عناوين إضافية للتباعد والتباغض والتشنج.. والسبب في ذلك هو حضور الذوات بكل شحناتها وأمزجتها وميولها، مما يحول دون النقاش الهادئ والحوار العلمي – الموضوعي.. لهذا فإننا نجد أن الكثير من مؤتمرات الحوار ولقاءات التفاهم، لا يفضي إلى نتائج عملية حقيقية.. والسبب في ذلك يعود في تقديرنا، إضافة إلى أسباب أخرى، إلى حالة المزج بين الأشخاص والأفكار.. فتتحول الخلافات الفكرية إلى خلافات بين الأشخاص والمجتمعات.. مما يعمق الفجوة بين المختلفين، وتزداد من جراء السجال والتشاحن عناوين الخلاف والنزاع والتباين.. لهذا فإننا نعتقد بأهمية أن يتحلى جميع الأطراف بآداب الحوار وتقاليده الحضارية، حتى لا تتحول هذه القيمة الدينية والأخلاقية والحضارية، من قيمة تساهم في رفع التباغض بين المختلفين، إلى ساحة للاحتراب والتراشق والاتهام وسوء الظن.. فالحوار كقيمة ووسيلة لتنظيم الاختلافات والتباينات بين الأفراد والجماعات، لا يمكن أن يؤتي ثماره الإيجابية المرجوة، بدون الالتزام بقواعد الحوار وأخلاقياته وآدابه.. ومن أهم هذه القواعد والأخلاقيات، خلقُ المسافة الضرورية بين الذوات والأفكار، بين الأشخاص والعقائد.. وحينما نمارس نقدنا للأفكار والعقائد، فإننا لا نمارس عصبيتنا تجاه الأشخاص الذين يحملون هذه الأفكار والعقائد.. صحيفة (الرياض) |