![]() |
![]() |
دراسة تحليلية فكرية ومنهجية حول استراتيجية المعلومات / 1 |
في ضوء ومباحث كتاب "الرأي العام والإعلام" للمجدد الراحل السيد محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي |
د.هيثم الحلي الحسيني باحث في الدراسات الاستراتيجية |
خـــــــــاص موقع الأمام الشيرازي _______________________ مقدمة لاهمية الموضوع ودور المعلومات في التخطيط الاستراتيجي
لا شك ان الصراع الحضاري الإنساني الراهن، هو صراع معلوماتي إعلامي، فكري وثقافي، وهو كأي صراع بين متضادات النظم المعرفية أو البنيوية، يتألف من ثلاثة عناصر أو جوانب، تتداخل وتتساند فيما بينها بهدف حسم الصراع، الجانب الأول هو العامل الساند، الذي يؤسس للقاعدة المعلوماتية الإعلامية، والذي يشكل البنية المادية لصناعة الرأي العام وحركة الإعلام، على أساس مادته المتجمعة، في المسوح الميدانية I.Polls والاستطلاع المعلوماتيٍI.Intellegence ، ويعرف هذا العنصر في علم الاتصال والمعلوماتية، بالإجراءات الساندة المعلوماتية ISM. والجانب الثاني هو العامل المضاد، الذي يستهدف التأثير في الطرف الآخر، ومنظومته الإعلامية المعلوماتية، بهدف تعطيلها او خفض مستوى الأداء في عملها، بأساليب الإعلام المضاد أو المعلومات الموجهة والدعاية والإشاعة، والخداع أو المخادعة المعلوماتية I.Deception، وحتى الإعاقة والتأثير المادي المعطل والمعيق للمنظومة أو المنظومات المقابلة، ويطلق على هذا العنصر، الإجراءات المضادة المعلوماتية ICM. أما الجانب الثالث وهو العنصر الذي يحمي ويقي منظوماتنا المعلوماتية والرأي العام وهيئات الإعلام والمجتمع، من تأثيرات الإعلام المضاد المقابل وسائر تاثير واجراءات المنظومة المعلوماتية المقابلة، سواءً الإجراءات الساندة المعلوماتية المقابلة، أو الإجراءات المضادة المعلوماتية المقابلة، من خلال تحصين المجتمع معلوماتياً وإعلامياً من الخرق المضاد، وصيانة التراث الإنساني الحضاري والإرث التاريخي والموروث الثقافي من الضياع والتشويه ، وتمكين المظومة المعلوماتية الوطنية، لدالة كفاءة الأداء والحصانة، ويعرف العنصر، بالإجراءات المضادة للمضادة المعلوماتية ICCM. إن علم الاتصال والمعلوماتية، ومبادئه وقواعده وأسسه ومبانيه، ودراسة دورة المعلومات والإعلام، بعناصرها المرحلية، تمثل ذروتها الطرائق المنتخبة لتشكيل الرأي العام، وتشكل القواعد العلمية المنهجية لصنع واتخاذ القرار، الأداة لتأهيلها. عليه فإن موضوع الإعلام والمعلوماتية، بات يمثل المحور الذي تتحرك عليه، جميع جوانب الحياة والمجتمع، والأطر التي تشكل الأدبيات النظرية والفكرية والآليات العملية لإدارة الصراع الفكري والحضاري، وأساليب استخدام أدواته. ان سياقات توجيه الموارد البشرية، الفكرية والمادية، تقف بين مفترق الطرق في اختيار الأنسب والأمثل، بين القاسي HARD واللين SOFT، من اجراءات وأدوات إدارة الصراع، استجابة للمسؤولية التاريخية، وتماهياً مع الموروث الثقافي الفكري، وانسجاما مع الضابط الشرعي، أمراً ونهيا أو ترخيصا، وضمن المقاربة الفكرية لخيار اللاعنف والحوار الهادئ، وامكانية اعادة تشكيل قاعدة الصراع، الى حوار وتعاون ايجابي، فكري وحضاري، بدلا عن الصراع السلبي، المستند الى الغاء الآخر ورفضه. ان علة هذا المعضل الانساني، هي الحاجة الملحة والتاريخية، في اعادة صياغة الخطاب الفكري والثقافي والسياسي وفي مقدمتها الديني، ومخاطبة أهل الاختصاص الدقيق، في حقول الاتصال والمعلوماتية والإعلام، وذوي الخبرة والكفاءة المهنية وذوي المعرفة المختصة بهذا العلم حصراً أو المعارف المؤثرة فيه، لجهة إعادة تشكيل مدركاتهم واتجاهاتهم، وتوظيف معارفهم ومهاراتهم لتحقيق ذلك. لذا فإن هذا الحقل المعرفي والثقافي، بمهمته الكبيرة، يستقطب رواد الفكر والمعرفة الإنسانية وأصحاب التأثير المجتمعي، لأدوار حيوية خطيرة، كونه مرتبط بجوانب الحياة المختلفة، وباهتمام الفرد والمجتمع، ثم الشعب والأمة. وليس بأقرب من هذا الوصف، من أصحاب الزعامة الدينية، والمرجعية الفكرية والعقائدية، من وزن المجدد والمفكر الراحل، فمن ضوابط التصور الذهني المنطقي، إن العنصر الحاكم لقواعد اللعبة وآلياتها، وإدارة الصراع معلوماتياً، والذي ينتجها ويقرر عليها، ثم يضبط إيقاعها ويوجهها، هو من يشغل موقع المسؤولية المجتمعية العليا ومركز صنع القرار في الاتجاه التربوي والسلوكي، والتأثير الثقافي والفكري والحضاري. لاشك أن القرار الاستراتيجي في مستويات الدولة العليا، ومراكز التأثير السياسي والمجتمعي، ينتج في الدوائر الاستشارية لصناعة، القرار، التي تقدم البدائل والمشاريع ومسالك الحل المقترحة، بعد دراستها ضمن مرتكزات الاستراتيجية الوطنية العليا، بناءا على قاعدة معلوماتية، ووفق آليات المنطق الذهني، في مقارنة وتحليل العوامل ذات الصلة والتاثير بالموضوع، استنادا لاليات المقارنة لنقاط القوة والضعف، ودراسة الجدوى وعامل الاحتمال والتأثير. إن المادة التي تشكل المصدر الأساس، للمعلومات الداعمة للمناقشة هي الرأي العام، نبض الفرد والمجتمع، بانشطته السياسية والمدنية والثقافية والعلمية، الذي يعبر عنه بواسطة ممثلي الشعب "النواب"، أو بشكل جماعات ضغط من خلال المنظمات غير الحكومية، بما فيها الواجهات الدينية أو الإعلام أو المراكز البحثية. تؤسس معلومات الرأي العام بمجموع مصادرها، الحقائق الساندة لدراسة مرتكزات "الاستراتيجية الوطنية العليا"، والمقدمات لنتائجها، باستقراء وتحليل وتقييم خيارات البدائل، من خلال مناقشة حزمة من العوامل وتثبيت نقاط القوة والضعف ازاء كل منها، ومن بين هذه العوامل، الموارد الوطنية والسكان، الكلفة والتأثير للخيارات المتاحة، مقارنة المزايا والتحديدات لكل منها، البيئة السياسية الإقليمية والدولية، الثقافة المجتمعية او العقيدة السائدة، ومن بين العوامل دراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع الاستراتيجية، ومن ثم أثر المسالك الأكثر تأثيراً او خطورةً أو احتمالاً، في القرار الاستراتيجي المتوقع للمنظومة المعلوماتية المقابلة، بمعاملتها لكل خيار بديل في الدراسة، وصولا لاقتراح وتقديم البديل "المسلك او الخيار" الاستراتيجي الأمثل، المقترح لسياساتPolicy إدارة المعلوماتية. ان البديل الأمثل، الذي ليس بالضرورة الأفضل، من بين سائر البدائل، لجهة جميع النواحي والعوامل ذات الصلة بالمقارنة، لكنه يكون الأمثل بتعبير التصميم الهندسي، اي الخيار الذي يجمع أفضل نقاط القوة، لجهة جميع العوامل التي خضعت للمناقشة، وأقل نقاط الضعف لتلك العوامل، وهو الأولى بالاختيار، ان القرار على ذلك من غيره، هو من اختصاص وتخويل صلاحية مرجعية الموضوع، وهي الخطوة المعبر عنها باتخاذ القرار. ان اختيار البديل الأمثل، من قبل مرجعية القرار، من بين البدائل الأخرى استناداً لعملية صنع القرار المنتجة لتقديم الخيارات "البدائل" من قبل الهيئة الاستشارية، يعد اتخاذاً للقرار الاستراتيجي من قبل تلك المرجعية، الذي على ضوئه تبنى السياسات الاقتصادية والاجتماعية والإنمائية، وتوضع الخطط للتنمية السياسية والاجتماعية والسكانية والأعمار والبناء. يضع هذا الدور والمهمة، على كاهل المنظومة المعلوماتية، المسؤولية الخطرة، التي على ضوئها تبنى سائر مؤسسات الدولة وفق الفلسفة الديمقراطية، وتجعل دراسات الرأي العام والتفريعات المؤثرة فيه، وهي الإعلام ومفرداته في الدعاية والإشاعة، من الحقول الفروع المعرفية المهمة والخطرة، لأن دراستها تؤهل الدارسين وبالتالي مراكز القرار في الدولة والمكونات المجتمعية، لتكون مؤهلة لتطوير الرأي العام والاستجابة لمتطلباته، وبالتالي تكون كفوءة للموقع المتقدم الذي تحتله في الدولة والمجتمع . إن آلية هذه المنظومة الإعلامية وتأثيرها الاستراتيجي، تستوجب دراسة مفصلة لجملة من العلوم والمعارف، يقف في مقدمتها علم الاتصال والمعلوماتية، الذي يضبط الصلة والتماس بين طرفي المعادلة المجتمعية، وهي جهة المرسل وجهة المستقبل او المتلقي، وتتشكل مادته من خلال رسالة الإعلام والمعلومات والخطاب المتضمن فيها، ونقلها عبر قنوات الاتصال، فتكتمل بذلك حلقة أو خط الاتصال، وهي المرسل ، المستقبل ، الرسالة، قناة الإرسال. وتشمل هذه المنظومة جميع الوسائل المعلوماتية الحسية والتماسية، المقروءة والمسموعة والمرئية، والمنقولة عبر شبكات المعلومات المحلية والدولية. إن هذه الأهمية الاستثنائية لموضوع الرأي العام والإعلام، وفق المنظور التخصصي المهني، يجعله مستحقاً للاهتمام فكراً وعلماً وثقافة، فضلاً عن أهميته ليحتل مكاناً واسعاً في دائرة النشر والتثقيف، إلى جانب مجالات البحث والدراسة والتأليف والتصنيف، فضلا عن التيبليغ والخطابة. فكان بين يدينا هذا الكتاب، الذي حمل موضوعه، رباعية "الرأي العام والإعلام والإشاعة والدعاية". وخلص فيه السيد المجدد ببحثه وتاليفه، الى توجيهات عامة للمجتمع، وأخرى موجهة للمتخصصين والمهتمين، والعاملين في مجالات الموضوع وحقله المهني، والناشطين في الوسط الثقافي والبحثي والفكري والعلمي. |
عرض لمنهجية ورقة الدراسة |
بالنظر لأهمية الكتاب وموضوعه، والمادة الغزيرة فيه، وحجم المباحث المتضمنة لعناوينه، وكونها مادة اختصاصية تطل على أكثر من علم وحقل معرفي، في مجالات الاتصال، المعلوماتية، الصحافة والإعلام، صنع واتخاذ القرار، الهندسة السياسية والبحث الميداني، مما يستوجب عرضه والتعريف به، ويتطلب الاهتمام الخاص بموضوعاته، في البحث والدراسة، من الزاوية العلمية والمهنية والرؤية الاختصاصية. تقدمت بهذه الورقة في دراسة للكتاب ومباحثه، بالعرض والتحليل، والقاء الضوء على الجوانب الفكرية والثقافية والأخلاقية والسلوكية المجتمعية فيه. تهدف الدراسة الى تشخيص المفاهيم والأسس والمبادئ، المتعلقة بالحقول العلمية والمعرفية لموضوعاته، بغية التعريف بالكتاب وأهميته ونطاقه أولاً، ثم لتمكينه من أوسع قاعدة من المتلقين، وخاصة غير المطلعين على أسس الموضوع وركائزه وتفريعاته، لجهة الاستيعاب والإدراك، فضلا عن تمكين من لم يستطع الحصول على الكتاب، من الاطلاع على الموجز والفحوى العام لمباني الكتاب، وفق النية والهدف، وحاولت الورقة أيضاً، تقديم دراسة علمية لمادته الشاملة، من الزاوية الاختصاصية المهنية، والرؤية الاستراتيجية الشاملة لموضوعه. مقدمة الدراسة تحليلة اختصاصية لأهمية موضوع الكتاب، جسراً للأساس العلمي النظري، الحرفي والمهني، لمادة الكتاب وموضوعه، ووفق السياق الجاري، في منهجيات مباحث عروض الكتب وتحليلاتها ودراستها، فجرت هيكلية الدراسة لتتضمن عناوينها، أهمية الموضوع، أهمية الكتاب في مدخل لدراسة الكتاب وموقعه في آثار وتراث المؤلف، مقاربة لفكر المجدد المؤلف في ثقافة اللاعنف والسلم المجتمعي، المنهج العلمي البحثي للكتاب، المنهجية والجوانب الشكلية المتبعة في الكتاب وهيكليته وأبوابه وتفرعاته، عرض لجهد المحقق في التحقيق والتعليق والشروح في هوامش الكتاب، عرض موجز لمادة الكتاب وفق العناوين الرئيسة للأبواب الأربعة فيه نزولا الى العناوين الفرعية، دراسة وتحليل لمادة الكتاب، انسجاما مع سير عرض المادة في الأبواب المتشكلة فيه وتوازيا معها، وتضمن ذلك، اجمال الاستنتاجات البحثية التي رشحت عن مباحث الكتاب، وبيان الخلفيات التخصصية الحرفية التي تسند المادة العلمية. |
المدخل لدراسة الكتاب وموقعه في آثار وتراث المؤلف |
إن كتاب "الرأي العام والإعلام" لمؤلفه المفكر الإسلامي المجدد، السيد محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي، ومحققه الباحث الشيخ صاحب مهدي، يعد الحلقة المتممة وليست الأخيرة، في سلسلة موسوعة الفقه لمؤلفها السيد المجدد، التي تجاوزت نصف المئة الثانية، ولكنها قد تكون الحلقة الذهبية في تلك السلسلة، ذلك إن الإعلام يخاطب العقل البشري على اختلاف نزعاته ومعتقداته، ويستخدم جميع الوسائل والأدوات، التي تتشكل بمختلف العلوم والفصول المعرفية، إضافة للجوانب السلوكية المتضمنة فيه، على مستوى الفرد والمجتمع، أو العلاقات البينية بين الأفراد، ان تلك الأدوات والوسائل، تصنف تحت عنوان المهارات الإنسانية، في العلوم التربوية والسلوكية والطرائق في التعليم. إن السقف الجامع للمعارف والمهارات المعنية، التي يستخدمها الإعلام في إيصال خطابه إلى المتلقي، هي المادة الإعلامية، وكبناء متكامل، يشتمل على صفوف، ترتفع وتبنى بعضها على بعض، لتكون الجسم الإعلامي، الذي يتشكل بدوره من مجموعة من الخلايا أو الوحدات الداخلة في هيكل ذلك البناء. إن هذه الوحدات والخلايا المشكلة لهذا الجسم الحي، من المادة المعلوماتية الإعلامية، الفكرية والبحثية والثقافية في شتى صنوف المعرفة اللدنيّة والإنسانية والتقانية، هي جميع الأجزاء التي فاقت المائة ونصفها، من موسوعة الفقه، التي أبدعها يراع الأستاذ المجدد. فقد اشتملت على سائر ألوان تلك الخلايا، التي تستجيب لحاجات الخطاب الإعلامي، فأمسكت العصا من جميع أطرافها، وليس من وسطها فقط. وعليه فليس مصادفة أن تخرج هذه الحلقة إلى النور بعد سابقاتها ومتأخرة عنها، لا لكونها الأقل أهمية، أو في أسفل قائمة الاهتمام لدى مؤلفها السيد المجدد، لكنها بالفعل تخاطب العقل الإنساني بلغة نسجت حروفها البنائية، كامل السلسلة الفقهية بمفرداتها السابقة، التي شكلت مبانيها مختلف مسائل الأحكام الفقهية، والتي أوردها المؤلف، المرجع المجتهد، في أجزاء الفقه السابقة. إن مادة المعلوماتية التي تضمنها الكتاب، تنم عن حرفية متينة، لن تلامس الموضوع بعنوانه فقط، كما تفعل الكثير من الإصدارات، التي تزين زجاج واجهات المكتبات الأنيقة، على العكس فإن الحرفية في الكتاب، بشرت بها تكوينة وكينونة العنوان، وبنيوية الموضوع، التي شكلت رباعية المعلوماتية، "الرأي العام، الإعلام، الإشاعة، الدعاية"، والتي ضمنها المؤلف بغير مصادفة، عناويناً للفصول الأربعة التي تتضمنها هيكلية الكتاب. ان مفردات الرباعية المعلوماتية الواردة في الكتاب، يعبرعنها اصطلاحا، في لغة علم الاتصال، الجسم المعلوماتي أو الرسالة الإعلامية، أي المادة التراسلية بين المصدر والمتلقي، بين المرسل والمجيب، بين مركز العقل القيادي الإشرافي والعقل البشري المجتمعي. |
مقاربة لثقافة اللاعنف والسلم المجتمعي في الكتاب وفكر المؤلف |
إن القيمة الفكرية للكتاب، التي تمحورت حولها مجموعة الأطر والمبادئ، المشكلة للجوانب المعرفية والعلمية، هي الحالة المشعة لعنوان "اللاعنف والسلم المجتمعي"، التي شكلت في هذا السفر المعتبر، الموضوعة المتقدمة لكل جوانب الحياة، بحيث تؤسس بفكر مجدد وحداثي، أسس الجوانب السلوكية للفرد والمجتمع، في العلاقات المجتمعية والبينية بين الأفراد والهيئات والحركات، والتنظيمات داخل المجتمع، وبينها وبين الدولة ومؤسساتها، ثم وبشكل متقدم بين المكونات الوطنية والدينية والقومية، في علاقاتها مع بعضها بينيا، وبين الدولة والدول التي تمثلها، إن "مبدأ اللاعنف" يتجاوز في فكر المجدد، الجانب الوطني أو القومي، وحتى الديني الإسلامي، ليرتقي بهذا النهج إلى السمو الإنساني الرفيع، فهو مقدمة لتأسيس ثقافة قبول الآخر، ثقافة التنوع والاختلاف، ثقافة الحوار الهادئ، ومقارعة الحجة بالحجة، بديلاً راقياً وحضارياً، عن ثقافة العنف والتحاور بالسلاح، وإلغاء الآخر ورفض الاختلاف. إن إشاعة هذه الثقافة لدى الرأي العام، واعتماد الأطر الفكرية والحضارية، المهنية والتقنية، في تشكيل الرأي العام، استناداً اليها، بديلاً عن نهج الفرض والقمع والإملاء والتهديد ومصادرة الحريات، وان استخدام أدوات الإعلام الحقيقي، المتشكل بالمصداقية والشفافية والمصارحة، بدلاً عن الخداع والتشويه للحقائق، وان اعتماد اخلاقيات المعايير المهنية الصحفية والاعلامية، بدلا عن إلغاء عقل المتلقي وتصميم الرأى المسبق، هي جوانب إنسانية، في هذا الفكر وتعاليمه. |
موجبات الديمقراطية والتعددية في العملية السياسية |
تعبّر الأدبيات الإسلامية التراثية، والآثار والمباحث المعبرّة عن فكر الشورى والمشروع الشوري، كمفردة تراثية للديمقراطية، تعكس جوهر الفكر الإسلامي الحقيقي، ومبادئه وأدبياته، والهندسة السياسية للدولة التي يدعو لها، فضلاً عن أنها تمثل أساس مدرسة آل البيت (عليهم السلام) الأخلاقية والسلوكية، في جوانبها الإنسانية والمجتمعية، في الحقول الفكرية والثقافية والعلمية، ومرتكزاتها الاستراتيجية، السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، والى ذلك يشير السيد المجدد "ان العملية السياسية جزء من الإدارة أو العملية الإدارية"، كونها تحصل بين طرفين، لذا تنطبق عليها القوانين العامة للإدارة الصحيحة، في التوصيف بالعلم والفن، وكذلك التحرك بين المثالي والممكن، وممارسة عملية لا مجرد نظريات وفرضيات، ومع تحمل المسؤلية والولاء للعمل " موسوعة الفقه السياسة (ا: 34،36،105)،(2: 58-60)، و الفقه الادارة (1: 9-14)". وتشمل هذه المقاربة في علم الادارة الحديثة، تعريف "المنظمة" في تكوينها من عنصر دخلINPUT، وعنصر خرج OUTPUT، وعنصر معالجة ضمنية PROCESSING على العملية السياسية بمجملها، وكذا شمولها بتعريف المرونة، المطلوبة لقادتها والمخططين لها، والتنسيق والعلاقات الرابطة وتوضيح الواجبات والمهام وتخويل الصلاحيات، وكذا فان التسلط والقمع والاستبداد، بأشكالها السياسية والدينية والفكرية والثقافية، والتي يصح عليها مفردة الديكتاتورية، هي سر سقوط الأنظمة والحكومات والأحزاب، اذ لا دكتاتورية في الإسلام، بدليل سقوط أصل "العدل" عن الحاكم المستبد، الذي هو خارج نطاق رضا الأمة، في تصرفه بشؤونها. عليه فإن الإسلام يرفض الاستبداد والتسلط والتفرد بالسلطة، بالأدلة نفسها التي يرفض بها الإضرار بالأمة والفرد، بقاعدة لا ضرر ولا ضرار "رفع الله الضرر والضرار عن أمتي" ،( الكافي5: 292)، التي يصح إسقاطها بالتأكيد على التسلط السياسي والتفرد بالسلطة وعدم قبول الاختلاف في الرأي، ورفض الآخر، والاستئثار بالقرارات التي تخص الأمة والمجتمع، وجني المكاسب الذاتية من خلال السلطة، والاستخدام غير المشروع للمال العام، بما يعكس ضرراً بالغاً في الناس وبائنا في المجتمع، شأن كل متسلط ان يأتي الى الناس بما يفهمون ويرضون، ثم يتسلط عليهم بما أخفاه من جوهر مآربه. " ان التفكير السيء منهي عنه نهي تحريم أو كراهة، والحسن مأمور به أمر وجوب أو استحباب" ( السياسة من صميم الاسلام، ص 42)، ان الحل الأمثل هو في قبول مباديء اليمقراطية الشورية من خلال الهندسة السياسية الحضارية، وفق آليات التعددية السياسية الحزبية، وتداول السلطة، وتمثيل الشعب تشريعياً، دون وصاية أو تأثير أو ترغيب أو ترهيب يبطل العملية شرعا وقانونا ودستورا، ويفسدها برمتها، وبما يضمن الانتخاب المشروع للحكومة، وفصل السلطات في الدولة، وقد نبه الى هذه الافكار بوقت مبكر قبل قرن من الزمن، المفكر الشيخ محمد حسين النائيني، في رسالته" تنبيه الأمة وتنزيه الملة"، خاصة لجهة الشروط الواجب توفرها بممثل الشعب "النائب"، ويشير السيد المجدد الى الشروط الواجب مراعاتها في عمليات الانتخابات السليمة والصحيحة، وجوهرها أن يراقب عدم تجمع المال ويكون قبالة خمسة أبواب، وهي "العمل الجسدي، الجهد الفكري، شرائط الزمان والمكان، المواد الأصلية والعلاقات الاجتماعية"، وبذلك لا يكون للمال قبضة على الإعلام والجماعات الضاغطة بشكل ديكتاتورية مغلفة، ويكون الدور لإرادة الشعب، ومن المعلوم ان من ينتخبه الشعب بشكل طبيعي، لا يقدم بضرر الشعب بتقليص حرياته، وبتسليط المؤسسات والموظفين عليه، "فقه الاقتصاد (1: 225) وفقه السياسة (1: 36)"، وهو ما يعبّر عنه بالمجتمع المدني ومنظماته غير الربحية، مثل المؤسسة الإعلامية والجماعات الضاغطة في المجتمع، وان ممثل الشعب المنتخب بالشكل السليم، خارج أي ضغوط وتأثيرات تبطل شرعيته وصلاحه، لا ضرر مفترض منه، لمشاركته الناخبين المسؤولية في أصواتهم. |
المنهج العلمي البحثي في الكتاب |
اتبع المؤلف الباحث في الكتاب، منهج البحث العلمي التاريخي، بكل تفاصيله، فقد استحضر الشواهد التاريخية، تسجيلاً وتحليلاً ضمن السياق التاريخي، بتوليفته الزمانية والمكانية، ويعد هذا المنهج في البحث العلمي، من أقدم المناهج البحثية، فهو يستقرئ الأحداث والعناوين وفق تسلسلها الزمني، وإيقاعها المنطقي، القائم على مناقشة العقل والذهن، ثم ربط القوانين العامة المشتركة لحركتها، في مقدمات الأسباب ونتائجها، وفق فلسفة التاريخ الحاكمة للاحداث، ونظرية التحدي والاستجابة. كما وأن المؤلف الباحث، قد اتبع في دراسته ، المنهج البحثي العلمي التحليلي، واسلوب الاستقراء المنطقي ومرجعيات الاستدلال، وفق السياق والترتيب المنظم، للتفكير الذهني، الذي استحضر فيه نقاشاً ودراسة، مجمل العناوين الفرعية التي شكلت فصول الكتاب، ذلك من خلال تفكيك الفكرة إلى عناصرها الأولية المشكلة لها، ودراسة أواصرها وروابطها، بهدف الاستنتاج المنطقي، المتضمن التقييم والتقويم، مقدمة لإصدار الحكم والتوصية العلمية، وإرجاعها لصدر متن العنوان، المتضمن لنص"المسألة"، ولا يمكن إغفال المنهج الإحصائي، الذي استعمل الباحث المؤلف أدواته، بكفاءة رفيعة، من خلال استخدام الأرقام التي يستدل منها، على التقاط الصورة الكاملة للفكرة والحدث وتطورها ونتائجها، بما يخدم الجانب العلمي الموضوعي بشكل كامل. ولان المؤلف في صيغة الكتاب، لا تفرض عليه القيود المنهجية والشكلية الصارمة في البحث القياسي، فقد استخدم المؤلف هذه المرونة بعناية، للسياحة الحرة في الجانب التاريخي والتحليلي، بهدف إيصال المادة العلمية والنصوص الفكرية، بشكل يسهل فهمه واستيعابه، بحضور التشويق المحسوب. |
المنهجية والجوانب الشكلية في الكتاب |
اتبع الكتاب منهجية علمية، في الجانب الشكلي وبنية الكتاب وتفريعه، وفق توازن بنيوي، بين الشكل التقليدي لمصنفات الدراسات الفقهية الاستدلالية، و شكل القواعد الشكلية المعاصرة، في المنهجية المتبعة في البحوث العلمية، وقد ساهم محقق الكتاب في استكمال المنهجية الشكلية، من خلال إرجاعه لمراجع ومصادر البحث، ووضع الفهارس القياسية لها، ووضع الهوامش والحواشي المتممة، في التعريف والتوضيح، للمفاهيم والأفكار والأحداث، وتراجم الأعلام،. اشتمل الكتاب على (586) صفحة من القطع المتوسط، توزعت على أربعة فصول، وسم الفصل الأول بعنوان "الرأي العام"، واشتمل على (300) صفحة، وهو الجزء الأكبر من الكتاب. ووسم الفصل الثاني بعنوان (الإعلام) واشتمل على من (196)صفحة، ووسم الفصل الثالث بعنوان (الإشاعة)، واشتمل على (15) صفحة، واخيرا الفصل الرابع بعنوان (الدعاية)، واشتمل على (66) صفحة. يشكل كل فصل من الكتاب ، بحثاً متكاملاً، اشتمل على مجموعة من المباحث الفرعية، تضمنتها العناوين الرئيسية الوسطى، وهي وحدة بناء الفصل. صدّر المؤلف المجتهد كل مبحث فرعي بعنوان "مسألة"، جرى صياغتها بشكل حكم فقهي، جرياً على ما درج عليه سماحته في سائر كتبه المتسلسلة في موسوعة الفقه، باستخدام مفردات المصطلحات والقواعد والقوانين الفقهية والأصولية، والإرجاعات الكلامية العقائدية أو البعد العقدي للمتن، ثم يشرع بعد سرد نص المسألة الفقهية، بعرض المادة التفصيلية لمكونات المسألة وعناصرها، شرحاً وتعليقاً وتحليلاً وتقييماً، مصدّراً المباحث بنبذة تاريخية، متضمنة للشواهد التاريخية ودروسها، لربط المسـألة بين جذرها التاريخي وواقعها الحالي، باستخدام أدوات البحث العلمي بترتيب منطقي معاصر. لم يشأ المفكر المؤلف، أن يضحي بالجانب العلمي الموضوعي، لصالح التوازن الشكلي الحجمي بين فصول الكتاب، مفضلاً على ذلك، التوازن القيمي و توزيع الاهتمام، وعدم تركيزه على عنصر دون سواه، من عناصر الرباعية المعلوماتية المؤلفة للكتاب " الرأي العام، الإعلام، الإشاعة، الدعاية"، فأصر على تخصيص فصل مستقل لكل منها، برغم التفاوت الكمي في حجم صفحاتها، فشكّل الفصل الأول ما يفوق على نصف الكتاب، في حين لم يشكّل الفصل الثالث سوى (15) صفحة منه، وذلك على الأرجح، تضحية مقصودة بعنصر التوازن الشكلي بين الفصول، كأحد القواعد الشكلية المنهجية، لكن المؤلف أوصل رسالته، من خلال توزيع الفصول ضمن المتشابهات والمتناظرات من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن عنصري الفصلين المذكورين من الرباعية المعلوماتية، أي الأول والرابع، وإن شغلا حجمين غير متوازنين، غير أنهما متوازنان في القيمة والأهمية الحرفية، وفي الدالة المعنوية، مما استدعى الاعتبار لجميع العناصر الأربعة، بتخصيص فصل مستقل، لكل منها دون استثناء، فكانت هيكلية الكتاب. |
تحقيق الكتاب |
التحقيق هو عملية مسح عام للكتاب المحقق، تشكل ترجمة مختصرة عنه، في ملازمة ومتابعة نصوصه حتى نهايتها، إن تعليقاً أو إخراجاً أو فهرسة وتوضيحاً، كل منها في مجال غرضه وبالحدود المناسبة له، وبضبط وإحكام مادة الكتاب، للاطمئنان بأداء الكتاب، مطابقاً لما صدر من مؤلفه دونما تغيير، متناً وعنواناً وأسلوباً. وهذا ما فعله وأتقنه بمهنية رفيعة، محقق الكتاب الشيخ صاحب مهدي، مستحقاً بذلك تخويله التاريخي، الموثق والموسم على صدر الكتاب، بالختم الشريف للمؤلف السيد المجدد. فخرج الكتاب باطمئنان عال، مطابقاً لما صدر من مؤلفه، بدلالة الثقة العالية التي خصته دون سواه، فكان التحقيق قراءة ثانية للكتاب، واستقراءاً لمبانيه ومركباته، وعناوينه وتفريعاته، ولما بين سطوره، وقد بذل فيه المحقق جهداً كبيراً ليستكمل في عمله البحثي، هدف المؤلف ومقصده، خاصة أنه استفاد من قربه من المؤلف وفكره ونهجه، في تفهم وادراك المقاصد المعرفية ضمن نطاق البحث. لقد أحال المحقق، قارئ الكتاب، إلى نحو (319) ثلاثمائة وتسعة عشر مصدراً ومرجعاً ومصنفاً، ثم درجها في قائمة ثبت المصادر والمراجع، غير المراجع المحدودة الارجاع، التي أشار لها ضمن التعليقات والحواشي، ويمكن إجمال الحقول المعرفية للمصادر والمراجع المثبتة، المعتمدة والمراجعة في البحث والتحقيق، بالتالي: أ. الكتب الفقهية والأصولية، وسائر العناوين الدينية في التفسير والعلوم القرانية، الحديث والسنة في علمي الدراية والرجال، علوم الكلام والعقائد، وجميعها من أصول المصنفات المعتبرة. ب. كتب التراث العلمي في اللغة العربية وآدابها والحضارة والتاريخ والفلسفة والمنطق. ج. كتب التراجم العامة وتراجم الرجال والأنساب. د. المعاجم والموسوعات التراثية القديمة ودوائر المعارف المعاصرة. ﻫ. الكتب المؤلفة المعاصرة في جوانب السياسة والاقتصاد والمجتمع والأدب العربي المعاصر وعموم المعارف والثقافات ذات العلاقة، خاصة في علوم الاتصال والإعلام والمعلوماتية والدراسات الاستراتيجية. شمل التحقيق على شروح موسعة، وافية لمجمل الأفكار والمصطلحات، تعرض المحقق فيها لصفحات طويلة من المراجع والمصادر، لتقديم إيضاحات وشروح وتعاريف معمقة، لمجموعة الأفكار المتضمنة في الكتاب، خاصة في اختصاص العنوان، في علوم الاتصال والمعلوماتية والإعلام والشؤون الإستراتيجية، وقد تحقق في ذلك الكثير، رغم صعوبة الخوض في تفاصيل اختصاصية يشتمل عليها موضوع البحث، لكن خوض غمارها، عادت على القارئ، باستكمال الفائدة، في فهم الأفكار والمصطلحات، والأغراض والمقاصد فيها، بشروح وتعاريف وإيضاحات مطولة. أبدع يراع المحقق، في تراجم الشخصيات وأعلام الكتاب، التي سجلها في الحواشي والهوامش ذات العلاقة، قدمت هذه التراجم تعريفات وافية، عن الأسماء التي وردت في الكتاب، سواءاً الشخصيات التاريخية أو المعاصرة، من الرموز الدينية والعلماء والمراجع والفقهاء والأمراء والقادة والأدباء الكتاب والشعراء وغيرهم. إن هذا الجانب، وضع القارئ في الصورة الكاملة، لاستيعاب الفكرة بجوانبها الزمانية والمكانية، وآثار أبطالها فيها. وبنفس الفكرة السابقة، شملت الهوامش على تعريفات وشروح وافية، عن الحوادث والمشاهد التاريخية، مستخدماً أصول المصادر والمراجع والتحقيقات التاريخية، وقد أضاف عليها الشيخ المحقق، تقييمه ورؤيته للأحداث. إن الهوامش الملفتة للنظر، التي أبدع فيها يراع المحقق، هي تلك الخاصة بالتراث الأدبي العربي والشعري منه خاصة، فكان الأثر الشعري الوارد في المتن من نص الكتاب، يلاحق من جوانب إرجاعه إلى القصيدة الأم، وموقع البيت الشعري من القصيدة، واسم ناظمها الشاعر، مع نبذة عن حياته وشعره وعصره، وموقعه في التراث الأدبي، والغرض والقصد من القصيدة، والمناسبة التي قبلت فيها، والشروح الأدبية اللغوية لمفرداتها، إن هذا العرض لهذه الآثار، التي هي بلا شك ذخائر أدبية، قد لا تتوفر للقارئ بيسر، في متناول يده. إن عمل المحقق، يحيلنا لرقعة المؤلف في صدر الكتاب، بدلالة صدق الاختيار وحسن الظن. وإن كان لابد من كلمة في التحقيق، فإن من أصعب مهام المحقق هي الموازنة بين الحاجة للاختصار، والتعبير بأقل المفردات اللغوية، وعدم الإطالة التي تخل بنص المتن، وبين الحاجة لإيضاح الفكرة واستكمال المعنى. والجانب الصعب الآخر، وهو مهني بحثي صرف، هو الدعوة لعدم إقحام الرأي والموقف الشخصي للمحقق في تقييم الأحداث التاريخية وشخوصها، وابداء الحكم على الأفكار والمفاهيم، الواردة في المتن، لأن ذلك يخرج من نطاق مهمة التحقيق، مما يستوجب الابتعاد عن النقد الحرفي، والحيلولة دون إصدار الأحكام الشخصية، رغم صعوبة التوقف عن ذلك، لجهة الايمان والمبدأ والعاطفة الانسانية الحاضرة لشخص القائم بالمحقق وذاته، وهي حالة مستديمة تاريخيا. لقد اجتهد المحقق الشيخ، في تجاوز هاتين الصعوبتين كثيراً، وقد تحقق الكثير، من خلال توظيف خبرته في البحث والتحقيق العلمي والأدبي، في التاريخ والتراث، فضلاً عن الجهد المبذول في مراجعة مختلف المراجع والمصادر على اختلاف توجهاتها، لكن المهمة في هاتين المعضلتين كبيرة وصعبة، لجهة التزام الحيادية، وعدم التطرف للرأي الشخصي الذي يستحضر عادة في الشعور واللاشعور. "قد شهد كاتب السطور بنفسه ذلك، في تحمل هموم ومتاعب هذا الشكل من البحث العلمي، خلال انجازه مهمة " تتمة وتحقيق "، لكتاب التراجم الموسع "موسوعة اعلام الفكر والادب في الكاظمية المقدسة" للباحث السيد عبد الرسول الموسوي، تحت الاصدار قريبا، بثلاثة أجزاء بعون الله". |
عرض وتحليل "مقدمة الكتاب" |
تصدرت الكتاب ثلاث مقدمات، لمحقق الكتاب، وللناشر ، وللمؤلف : المقدمة الأولى: بقلم محقق الكتاب، تضمنت مقالة علمية مركزة، عن الإعلام ودوره في عملية صنع القرار وتنمية الطاقة الفكرية والإبداعية، وأثره في الجانب الاقتصادي، واعتباره مقياساً لقوة الدول في الحال الحاضر، وتطرقت المقالة لاستخدام الغرب للإعلام، في عولمة السياسة والاقتصاد والفكر، داعياً الدول الإسلامية إلى التلاحم، لتفعيل دور الإعلام في التربية والتثقيف، ليقف أمام التضليل وحالات التردي. وقد سجل المحقق، مجموعة من المقترحات والتوصيات، بهدف تحقيق الغاية المنشودة، من الإعلام الإسلامي، خدمة لقضايا الأمة المصيرية. المقدمة الثانية: للناشر، مؤسسة الوعي الإسلامي، بيروت، جرى التركيز فيها على دور الإعلام الإسلامي، وضرورة تصحيح ممارساته، بتأكيد دور الكتاب في تقديم الأسس والضوابط لذلك، مستلهما من الكتاب الكريم والسنة المطهرة وعلوم أهل البيت. المقدمة الثالثة: وهي مقدمة تعريفية لأصل مادة الكتاب، تعرض لهيكلية الفصول وعناوينها في المتن ، بقلم مؤلف الكتاب المجدد الراحل، ومعرفاً بكتابه، كجزء من سلسلة موسوعة الفقه، بتفريعاته ، وتقسيمه إلى الفصول، وما جرى تناوله كعنوان متصدر لكل فصل منها.
وستتناول الدراسة في مواد الأجزاء اللاحقة، فصول الكتاب وعناوينه، في العرض والتحليل، مع مراعاة المنهج العلمي ضمن التسلسل المنطقي، وتدرج العناوين وتجميع المتشابهات والمتناظرات، وستكون الدراسة والتحليل للمادة العلمية، ومباحث الاتصالات والمعلوماتية، مرافقة ومنسجمة مع عناوين فصوله وتفرعاتها، لسهولة جمع واستكمال الفكرة لدى القارئ، بدلاً من فصلها عن بعضها، ولغرض تفكيك الأفكار تحليلاً ودراسة، لتحقيق الفائدة من الدراسة والعرض الموجز لأفكاره، وسيرفق في الدراسة، ما يستوجب من مداخلات على المباحث، في نواحي التحليل الفكري والنقدي، ومجمل للجوانب الملحة في عناوين التحليل. وسيجري تقديم المادة للنشر تباعا بحلقتين دراسيتين مستقلتين، لتكون الدراسة الشاملة بثلاث حلقات، مقدمتها الحلقة الأولى الحالية، وهي "الدراسة التحليلية الفكرية والمنهجية"، وسيتبعها تفاصيل التحليل والدراسة وعرض مادة الكتاب ومتونه والمداخلة عليها، بحلقتين وكما يلي:
الحلقة الثانية: دراسة تحليلية لمباحث الرأي العام، في عرض كتاب الرأي العام والإعلام الحلقة الثالثة: دراسة تحليلية لمباحث الإعلام، في عرض كتاب الرأي العام والإعلام الحلقة الرابعة: دراسة تحليلية لمباحث الإعلام المضاد، في عرض كتاب الرأي العام والإعلام |