الحج .... وأخوّة مفقودة

  

موقع الإمام الشيرازي

الحج وفود على الله(عزوجل)، وفيه صلاح الإيمان وتسكين القلوب، وتوهج مشاعر الهدى والتوبة. وفي قدوم الحجيج من مشارق الأرض ومغاربها واجتماعهم في بيت الله الحرام، تحضر قيم التعارف والتقارب والتآلف بين ضيوف الله، وليس هناك مناسبة تذكّر المسلمين بضرورة تفعيل قيم الأخوة الإسلامية وأخلاقياتها وضوابطها كموسم الحج، يقول الإمام الشيرازي(قدس سره الشريف): "الإسلام دين المحبة والألفة، ودين الروابط الحسنة، والعلاقات الأخوية الصادقة، ويرى الإسلام أن كل المسلمين إخوة مهما اختلفت أصولهم، ولغاتهم، وصورهم، وألوانهم، وهذه القيم أكثر ما تتجلى في الحج". وهذه القيم الإنسانية، تبرز ضرورتها اليوم بإلحاح حيث تعيش بلاد المسلمين هيجاناً تكفيرياً، تجسد غالباً بعمليات عنف مروعة.

مع إيمان جميع المسلمين بوحدة الأمة، وأن الحوار هو الطريق الذي أمرنا الله(عزوجل) به للبحث عن الحقيقة أو حل الاختلاف، وأن لا مكان للسيف في ساحة الفكر والعلم، وأن (لا إكراه في الدين). إلا أن هذه الضوابط لا يبدو أنها تنعكس عملياً على أرض الواقع، حيث إن بعض المسلمين اليوم في مكان هو أبعد ما يكون عن قيم الأخوة، فقد أقاموا الحواجز التي تحول دون التواصل، فأصبحوا يجاهرون بتكفير الآخر، بل لا يترددون في الدعوة إلى قتل الشيعة وتهديم مراقدهم المقدسة.

بلغة الواقع، إن بين المسلمين من لا يسمح بوجود أي آخر، وخاصة الآخر الشيعي، والمعطيات تؤكد أن علاقة المسلمين فيما بينهم متوترة، وتمر بمرحلة خطيرة، وأخطر ما فيها أن لها القابلية على الانفعال وربما الانفجار، حتى أصبح الحديث عن الأخوّة، إن وجد، ترفاً فكرياً، وبات سؤال الشيعة اليوم لذاك الآخر (لماذا تقتلني، والله قد خلقني)!!.

9/ذي الحجة/1433