![]() |
![]() |
اعملوا.. من أجل البقيع |
موقع الإمام الشيرازي مع إطلالة الألفية الثالثة بدأ الشيعة باستعادة تدريجية لدورهم في الحياة، بعد قرون متخمة بالقمع والقتل والترهيب والتهجير، ورغم أن عملية الاستعادة هذه يحتاج استكمالها إلى وقت، فقد أتاح الوضع الشيعي الجديد للآخرين الاطلاع على علوم أهل البيت(سلام الله عليهم)، وأخذوا يستكشفون حقيقة التشيع وتاريخه، وبدؤوا يستهجنون المشوهين له، الأمر الذي وسّع الجغرافية الشيعية عرضاً وعلواً. في الوقت نفسه، فإن التكفيريين أضحوا – اليوم - علامة بارزة للوحشية والظلامية، حيث انحصرت أعمالهم بين التكفير والذبح، وبات قانون الإنسان والحياة يطاردهم من جحر إلى جحر حماية للبلاد والعباد من شرهم، وهذا ما يؤكد أن العالم بدأ محاولاته لفهم التشيع على حقيقته بعيداً عن صراخ المدعين والملفقين. إن خلاص العراق من نظام الطاغية المباد، وتحرر مراقد أهل البيت(سلام الله عليهم) المشرِّفة لأرض الرافدين، أنعش الآمال بانبلاج فجر أهل البيت(سلام الله عليهم)، ورفع الظلامات عن أتباعهم في كل مكان، ومنذ ذلك الحين والأنظار متوجهة إلى مراقد البقيع المقدسة حيث القلوب تهفو لإعادة إعمارها. يقول الفقيه السعيد آية الله السيد محمد رضا الشيرازي(قدس سره): "إن من الجفاء للنبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(سلام الله عليهم) أن تمر ذكرى هدم أضرحة البقيع المقدسة دون أن نتوقف عندها ونذكّر بها وبالمسؤولية الملقاة على عاتق المسلمين في هذا المجال، فهدم هذه المراقد المطهرة جريمة بكل المقاييس، وهي جريمة تحمل طابع التناقض مع ذاتها أولاً، ومع القيم الدينية ثانياً، ومع الحالة الحضارية ثالثاً، ومع واقع الأمة الإسلامية وتاريخها رابعاً. فإذا كان هدم القبور واجباً شرعياً، فلماذا هدم بعضها دون بعضها الآخر؟! وإذا كانت الأبنية عليها بدعة وحراماً شرعاً، فلماذا نرى مرقد النبي الأعظم(ص)، ما يزال مشيّداً ولم يؤمر بهدمه إلى الآن؟ ولا نظن القوم يعملون بالتقية في هذا المجال، لأنهم ينكرونها، ويقولون إنه لا تقية إلا مع الكفار؟ أم تراهم يكفّرون كل المسلمين، وليس ذلك ببعيد عنهم!". في شهر شوال للعام الهجري الفائت – كما في كل عام - استذكر الشيعة أحزان ذكرى البقيع، وكان الناس ينتظرون إنجاز خطوة للأمام على طريق الإعمار، لكن تبين أن 8/شوال/1432هو يوم فشل جديد، حيث اكتفت الجهود باحتفالات تقليدية لا تدفع عملياً باتجاه الحل، وهو واقع بائس ومريض، على الرغم من أننا نعيش عصراً يطالب فيه الجميع بحريته وحقوقه، وذلك يشير إلى أن (الأزمة شيعية أولاً). (وفي هذا يطول الحديث). ولكي لا يكون احتفاؤنا هذا العام بـ(قضية البقيع) شكلياً لابد من العمل على عقد تجمعات مليونية لإعلان الرفض وتأكيده، وإقامة مؤتمرات حقوقية وقانونية وثقافية للشروع بخطة عمل لإعمار مراقد البقيع المقدسة، فهذا أوان التغيير، ولا مفر لمن ينتهك قوانين العقل والعدل والإنسان. وإن "القوم" قد وهنوا وقد ضعفوا، وانكشف زيف عقيدتهم، وأضحت ممالكهم خاوية. "وقل اعملوا". أجوبة المسائل الشرعية شوال/1433 |