![]() |
![]() |
قراءة في كرّاس (الحجاب الدرع الواقي) للإمام الشيرازي
|
الحجاب الدرع الواقي |
زينب عبدالله |
تمهيد |
لم تكن المرأة في أي عصر من العصور السالفة تتمتع بمكانةٍ واهتمام كالذي حظيت به في عصر الإسلام. فقد أكرم الإسلام المرأة، وحفظ لها كيانها الخاص وشخصيتها المستقلّة، ومنحها دوراً مهماً لم تعرفه في أي حضارة أخرى، وصانها من أن تكون سلعة رخيصة مبتذلة. وذلك لأن المرأة هي (إنسان) قبل كل شيء، ولأن المرأة نصف المجتمع، وبها يتكامل الرجل والمجتمع، وبها تستمر مسيرة الإنسانية. ولذا فقد عالج الإسلام قضايا المرأة واهتمّ بها. فهذا الكتاب العزيز يذكر في العديد من آياته أموراً تتعلق بالمرأة وشؤونها. وهكذا اهتمت الأحاديث النبوية وروايات أهل البيت (عليهم السلام) بقضية المرأة ومالها من الحقوق وما عليها من الواجبات. |
الحجاب يحفظ كرامة المرأة |
وتعتبر مسألة (حجاب المرأة) من أهم وأعقد المسائل التي تتعلق بالمرأة. لأنها قضية جوهرية بالنسبة لها، إذ للحجاب آثار عظيمة في حفظ كرامة المرأة وشخصيتها، بالإضافة إلى كونه محوراً يتحدد من خلاله النظر الصحيح إلى مشاكل المرأة ومعاناتها. ولهذا نرى اهتمام الشريعة الغرّاء بمسألة الحجاب، والحرص على جعلها واحدة من المسائل الضرورية في حياة المسلمين. إلا أن ذلك لا يشكّل عقبة في ممارسة المرأة دورها الكبير والفاعل في المجتمع وفي الأسرة، ضمن الحدود المسموحة المناسبة لها والتي تعطي أفضل الثمار والنتائج بالتقيّد بها واحترامها. |
الحجاب الدرع الواقي |
تناول الكثير من المفكّرين الإسلاميين مسألة حجاب المرأة بالبحث والتحليل، وعالجوا المسألة من جوانبها المختلفة. ومنهم سماحة المرجع الديني الأعلى الإمام الشيرازي (دام ظله) الذي كتب عدّة مؤلفات حول المرأة وقضاياها المختلفة. فقد بحث سماحته مسألة الحجاب في محاضرات عديدة منها ما أدرجت ضمن هذا الكتيب (الحجاب، الدرع الواقي). وهو بحث بسيط وموجز يهتم بإعطاء صور لأهمية الحجاب وضرورته، ويبيّن السلبيات الكبيرة المترتبة على تخلّي المرأة عن الحجاب في المجتمع. بدأ الكتاب بالسؤال: لماذا الحجاب؟ وهل الحجاب قيد بالنسبة للمرأة أم لا؟ وما هي العوامل التي جعلت الإسلام يوجب الحجاب؟ ثم يطرح الجواب في نقاط عديدة، نشير إلى بعضها: خلق المحبة بين الزوج والزوجة إن بقاء المحبة الزوجية هو رهن الالتزام بالحجاب الإسلامي الصحيح. وقد نوّه علماء النفس إلى أن المتزوجة المحجبة تستقطب حب زوجها واهتمامه أكثر من غيرها. أما المرأة غير المحجبة فهي لا تختص بزوجها بل يراها ويحادثها الجميع. ولذا دامت أغلب الزيجات في السابق طوال العمر لأنهم يجدون زوجاتهم أكثر جمالاً وجاذبية مع الحجاب الإسلامي. ويلاحظ هنا بأن الحجاب قد أضاف أمراً آخر إلى بقاء المحبة الزوجية ألا وهو الحفاظ على الحياة الزوجية. فالزوجة المحجبة لا ترى غير زوجها والزوج لا يرى غير زوجته. ولكن إذا رفع الحجاب وعمّ السفور فمن الطبيعي أن يرى الزوج نساءً أجمل من زوجته، وكل هذا يؤول إلى مشاكل قد تؤدي إلى الطلاق. وقد تطرق سماحة الإمام الشيرازي (دام ظله) المؤلف إلى هذا الموضوع، فالطلاق في أميركا مثلاً ارتفع إلى أكثر من (7) ملايين حالة تقدمت فيها النساء إلى طلب الانفصال عن أزواجهن، وفي دول الاتحاد السوفيتي يقول تقرير نشرته إحدى الصحف الرسمية إن حالة واحدة من تسع حالات زواج تنتهي بالطلاق هناك!! |
الوقاية من الفساد |
وللحجاب دور ثالث في توقي الانحرافات الجنسية فنرى بأن السفور والتبرج يلعبان دوراً أساسياً في الفساد والانحرافات الخلقية، ثم إن المرأة المتبرجة كثيراً ما تكون عرضة لـ (سرّاق الأعراض). ففي المجتمع الغربي هنالك اعتداءات وجرائم تحدث بسبب ابتعاد الناس عن الدين والأخلاق. ففي واشنطن وحدها تقع جريمة اغتصاب كل (15) دقيقة!! وقد أشار الإمام الشيرازي (دام ظله) إلى أمر خطير هنا، وهو من توابع السفور ألا وهو تجارة النساء المنتشرة في الغرب بشكل واسع، وأورد أسماء بعض الدول التي تتعامل بهذه التجارة القذرة التي تدرّ ما يقارب مليار فرنك سنوياً في إيطاليا مثلاً وهي منتشرة في فرنسا وسويسرا وبلدان أخرى!!. وأورد سماحته بعد ذلك أمثلة من الواقع الذي عاشه أسلافنا في الماضي وما نعيشه نحن الآن ومدى أهمية الحجاب وتأثيره في المجتمع وسلامته. وفي حال عدم الالتزام به تسود الفوضى ويعم الفساد. ومن القصص التي أوردها سماحته نخلص إلى أن من الواجب أن تلتزم كل فتاة وامرأة بالحجاب الصحيح والسليم حتى لا يظهر شيء من المرأة يجلب لها المتاعب ولمن حولها. ويختم سماحة الإمام الشيرازي (دام ظله) هذا الكراس بالحديث عن المرأة وطلب العلم. فالإسلام لم يمنع المرأة من طلب العلم ولم يمنعها من القيام بالأعمال التي تناسب تكوينها وبنيتها، ولا يمسّ هذا العمل عفافها ورقّتها. |
الزواج المبكر |
حثَّ الإسلام على الزواج المبكر لكلا الجنسين (الذكر والانثى) ، وكذلك ندب إلى تقليل المهر وتسهيل متطلبات الزواج وإنشاء صندوق لمساعدة الشباب والشابات على الزواج. وركّز سماحته بعد ذلك على أن المرأة كاملة لا نقص فيها وان لكل من الرجل والمرأة دوره في المجتمع. فالمرأة خلقت عاطفية أكثر من الرجل لدورها في التربية، والرجل خلق عقلانياً أكثر، وذلك لاحتياج المجتمع إلى كلا الأمرين، فالتساوي المطلق بينهما خلاف تركيب خلقهما، فالرجل لا يستطيع أن يقوم بدور المرأة من الحمل والرضاعة وغيرها، وكذا المرأة، فهناك أمور لا تستطيع أن تقوم بها لانها لا تناسبها أصلاً. ونتيجة لتطور المجتمع فقد دعت الحاجة إلى ضرورة مواصلة الدراسة بالنسبة للشباب. وهذا ما يستوجب تأجيل مسألة الزواج حتى إكمال الدراسة. وهنا يشير الإمام الشيرازي (دام ظله) إلى هذا الخطأ، ويرى أنه لا ضرورة هنا لتأخير الزواج، بل من الممكن للطالب والطالبة أن يتزوجا أثناء الدراسة ويتابعا طلب العلم، وهو أفضل لهما حتى لا ينشغل الفكر والذهن بضغوط الحاجة الجنسية للبدن، والتي تكون في أوجها عند هذه المرحلة من عمر الإنسان حيث يكتمل النمو العاطفي والجنسي فيها. |
المرأة في المجتمع الإسلامي والمجتمع الغربي |
هل هناك فرق بين المرأة في كلا المجتمعين من ناحية حقوقها وواجباتها، وهل تحترم المرأة في كلا المجتمعين أم لا؟ المرأة في المجتمع الإسلامي تشارك الرجل في الصلاة والصيام والخمس والزكاة والحج، وتشاركه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وولاية الصالحين والبراءة من المجرمين وهذا طبعاً بالنسبة للعبادة، أما المعاملة فلها : التجارة والرهن والضمان والوديعة والمزارعة والمساقاة وغيرها... ولها بعض الأحكام الخاصة في بعض هذه الأبواب لأمور خارجة، كالإرث إذ لها نصيب أقل من الرجل لأن الرجل هو القائم بالنفقة، وعليه المسكن والملبس، وليس بيدها الطلاق لأن حق القيمومة للرجل. فلما رأى الغرب أن المرأة المسلمة مصانة ابتدعوا وسائل شتى لمحاربتها منها دعوى الدفاع عن حرية المرأة وإعطائها حقوقها. فهناك سعي حثيث لنقل وباء المجتمع الغربي إلى ديارنا ومجتمعاتنا الإسلامية، لذا نفثوا سمومهم من خلال إدخال المنتجات الغربية ودس العملاء في بلادنا، وآخر ما وصل إلينا هو البث الفضائي والإنترنيت وغيرهما من وسائل الإعلام التي تستغل بصورة فاحشة لإغراء المجتمعات ونشر الفساد فيها، فهي فرصة للمغرضين لبث ما يريدون من أفكار تخدم مصالحهم. ولا ننكر ما لهذه الوسائل من فائدة للبشرية ولرقي الإنسانية، ولكن الاستعمار لا يترك فرصة كهذه تفلت من يده لنشر الفساد وتضليل الشعوب. لقد رفع الغرب شعار (حرية المرأة) لكي يجذبوا المرأة إلى وحل أفكارهم السوداء، ولاستغلالها بأبشع الصور وأقساها حتى صارت هناك مكاتب تتاجر بالنساء، فتستوردها وتبيعها بثمن بخس أرخص من الدمّية؟! الغرب أنفسهم أشاروا إلى فشلهم، فقد قال (غوستاف لوبون): (الإسلام قد رفع حال المرأة الاجتماعي وشأنها رفعاً عظيماً بدلاً من خفضها، خلافاً للمزاعم المكررة على غير هدى. والقرآن قد منح المرأة حقوقاً إرثية أحسن مما في أكثر قوانينا الأوروبية) (الإسلام بين الإنصاف والجمود). إذن للمرأة في بلادنا الإسلامية صورة مشرقة ومشرفة وهي تتمتع بمكانة رفيعة وكريمة، لهذا لا يمكن لنا أن نجعل صورة المرأة الغربية قدوة لنسائنا، لأنها سلعة رخيصة في متناول الأيدي لا تحكمها إلا الشهوات والنزوات فهي أضل من الحيوانات. ومن يدعو من المسلمين إلى الاقتداء بالمرأة الغربية بذريعة (الحرية) و(المساواة) والمزاعم الكاذبة الأخرى، فهو إما مغفّل أحمق أو منتفع لا دين له يخدم الظالمين من حيث يعلم أو من حيث لا يعلم ولا يشعر. |