|
|
فصل في وجوب إكرام القرآن والإتعاظ به وتحريم إهانته |
عن إسحاق بن غالب قال : قال أبو عبد الله : إذا جمع الله عزَّ وجلّ الأولين والآخرين إذا هم بشخص قد أقبل لم ير قط أحسن صورة منه، فإذا نظر إليه المؤمنون وهو القرآن قالوا: هذا منا، هذا أحسن شيء رأينا، فإذا انتهى إليهم جازهم (إلى أن قال:) حتى يقف عن يمين العرش فيقول الجبار عزَّ وجلّ : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لأكرمن اليوم من أكرمك، ولأهينن من أهانك. وعن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر : قال رسول الله : أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي، ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وأهل بيتي. وعن النبي أنه قال : من قرأ القرآن فظن أن أحداً أعطى أفضل مما أعطى فقد حقر ما عظم الله، وعظم ما حقر الله. وعن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله قال : إن هذا القرآن فيه منار الهدى ومصابيح الدجى، فليجل جال بصره، ويفتح للضياء نظره، فإن التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور. وعن سماعة قال : قال أبو عبد الله : ينبغي لمن قرأ القرآن، إذا مر بآية من القرآن فيها مسألة أو تخويف أن يسأل عند ذلك خير ما يرجو ويسأله العافية من النار ومن العذاب. وعن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه قال : قال رسول الله (في حديث) : إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع، وماحلٌ مصدق، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدل على خير سبيل وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم، وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نجوم وعلى نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، مصابيح الهدى، ومنار الحكمة ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة فليجل جال بصره، وليبلغ الصفة نظره، ينج من عطب، ويتخلص من نشب، فإن التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص. وعن ميمون القداح، عن أبي جعفر (في حديث) قال : قال رسول الله : إني لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن. وعن ابن عباس قال : قال أبو بكر : يا رسول الله أسرع إليك الشيب، قال : شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتسائلون. وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أمير المؤمنين في كلام طويل في وصف المتقين قال : أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلاً، يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به تهيج أحزانهم، بكاءً على ذنوبهم، ووجع كلوم جراحهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم فاقشعرت منها جلودهم، ووجلت قلوبهم، فظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم، وإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً وتطلعت أنفسهم إليها شوقاً، وظنوا أنها نصب أعينهم. وعن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر قال : قال أمير المؤمنين : ألا أخبركم بالفقيه حقاً؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤمنهم من عذاب الله ولم يؤيسهم من روح الله، ولم يرخص في معاصي الله ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه. |