الإمام الرابع 

هو الإمام علي بن الحسين وأمه (شاه زانان بنت الملك يزدجرد) ولد بالمدينة المنورة يوم النصف من جمادي الأولى سنة ثمان وثلاثين من الهجرة، ومات مسموماً يوم السبت الخامس والعشرين من شهر محرم سنة خمس وتسعين، وعمره الشريف سبع وخمسون سنة ودفن في المدينة المنورة بالبقيع.

وكان في العلم، والعبادة، والفضيلة، والورع وإغاثة الملهوفين... أوحد زمانه، وقد روى عنه الفقهاء ما لا يحصى كثرة وحفظ عنه من المواعظ، والأدعية، والكرامات وغيرها... الشيء الكثير.

وكان يخرج في الليلة الظلماءِ فيحمل الجراب على ظهره وفيه الصرر من الدنانير والدراهم، وربما حمل على ظهره الطعام أو الحطب حتى يأتي باباً باباً فيقرعه ثم يناوله من يخرج إليه، وكان يغطي وجهه لئلا يعرفه الفقير فلما مات عرفه أهل المدينة وأنه كان صاحب الجراب، وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والزمن والمساكين.

وكان من حسن أخلاقه : أنه كان يدعو في كل شهر خدمه ويقول :

من أرادت منكن التزويج زوجتها أو البيع بعتها أو العتق أعتقتها.

وكان إذا أتاه السائل يقول :

مرحباً بمن يحمل زادي إلى الآخرة.

وكان من شدة ورعه يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وإذا حضرت الصلاة اقشعر جلده، واصفر لونه، وارتعد كالسعفة، ومن ألقابه ذو الثفنات، لأثر السجود في جبهته وكفيه وركبتيه.

وشتمه رجل وأسمعه ما لا يحب، وهو ساكت لا يتكلم وبعد مدة مضى الإمام إليه فظن الحاضرون أنه يريد أن يقابله بالمثل، فقرأ:

{والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين} .

ثم وقف على ذلك الرجل وقال: يا أخي إنك كنت قد وقفت علي آنفاً وقلت ما قلت.

فإن كنت قد قلت ما فيّ، فأنا أستغفر الله، وإن كنت قد قلت ما ليس فيّ، فغفر الله لك.