|
|
الإمام الثامن |
هو الإمام علي بن موسى الرضا وأمه السيدة نجمة، ولد يوم الحادي عشر من ذي القعدة، يوم الجمعة، سنة مائة وثمان وأربعين بالمدينة المنورة، وتوفي مسموماً يوم آخر صفر، سنة مائتين وثلاث، وتولى تجهيزه ولده الجواد ، ودفن في خراسان حيث مرقده الآن. وعلمه، وفضله، ونبله، وسخائه، وحسن خلقه، وتواضعه، وعبادته، أشهر من أن يذكر. وقد طلب المأمون منه أن يتولى أمور الخلافة الإسلامية ـ مكانه ـ لكنه زهد في الدنيا ولم يقبل، حيث علم ما في ذلك كما أن جده أمير المؤمنين لم يقبل الخلافة ـ في الشورى ـ حيث كان ذلك رهن كذب واحد هو أن يقول: أقبل بيعتكم على أن أعمل بكتاب الله وسنة رسوله (وسيرة الشيخين) وهذه هي الكلمة التي لم يقلها أمير المؤمنين وقالها عثمان. ولما لم يقبل الإمام الخلافة، أجبره المأمون، على قبول «ولاية العهد» لكنه شرط بأن لا يتدخل في أي شيء من شؤون الدولة وقبل ولاية العهد على هذا الشرط. وقد ظهر من علومه الكثار بالنسبة إلى الأديان والمذاهب والمباديء ـ في مجلس المناظرة الذي هيئه المأمون ـ ما صار حديث الركبان. ومن عبادته : أنه كان يحيي أكثر الليالي، ويختم القرآن في ثلاثة أيام، وكثيراً ما كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وكثيراً ما كان يسجد سجدات طويلة تستغرق ساعات وكان كثير الصيام. وكان كثير المعروف كثير العطاء وأكثر صدقاته في السر خصوصاً في الليالي المظلمة. ومن آدابه أنه ما جفا أحداً بكلام قط وما أغلظ في القول ولا إتكأ بين يدي جليس، ولم يقهقه أبداً، ولم يبصق أمام أحد قط، وإذا نصب المائدة أحضر جميع أهله وحتى خدمه وأكل معهم. |