دولة أمير المؤمنين .. تكشف عن الفجوة بين إمام الشيعة والشيعة |
|
|
|
|
|
موقع الإمام الشيرازي 16/ربيع الثاني/1447
الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): "أحسَنُ المُلوكِ حالاً مَن حَسُنَ عَيشُ النّاسِ في عَيشِهِ، وعَمَّ رعِيَّتَهُ بعَدلِهِ" (غرر الحكم: 3261)
------------------------------ في زمن تغرق فيه المجتمعات؛ خاصة الإسلامية في ركام من الأزمات، رغم ادعاء بعض الاقتداء بنهج الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي جسَّد على أرض الواقع دولة الإنسان؛ حيث العدل والحرية والسلام والرفاه، تبرز سيرته إضاءة تكشف لنا اليوم عن الفجوة بين القول والفعل، وبين النموذج والتطبيق، وبين الإسلام والمسلمين، وبين إمام الشيعة والشيعة. حرية تتحدى الاستبداد في وقت كان العالم يعيش في ظلام الاستبداد، أسس الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أعظم تجربة في الحكم الرشيد. فإن دولته التي شملت ما يعادل خمسين دولة اليوم، لم تكن قوتها في جيوشها فحسب، بل في قيمها وأخلاقها. لقد منح (عليه السلام) الناس حرية التعبير حتى لمن عارضوه، ورفض أن يُلصق بهم تهمة النفاق، مؤمناً أن الحجة بالكلمة تُقابل بالكلمة، لا بالسيف أو السجن. في السياق، لم يكن زهد الإمام (عليه السلام) - الذي قد "اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه (*)" - انعزالاً عن الدنيا، بل كان: تجسيداً للعدالة بأن يعيش الحاكم كما يعيش المحكوم، وتذكيراً للمسؤولين بوجوب مشاركة الناس همومهم، وتجريداً للسلطة من امتيازاتها المادية لتبقى خادمة لا سيدة. العدالة الاجتماعية .. أولوية لا خيار جعل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) من احتمال وجود جائع في أبعد قرية تهمة للحاكم قبل أن تكون مشكلة للمجتمع. فإن المسؤولية في ميزانه تبدأ من مشاركة المحرومين في معيشتهم، لا من مجرد إصدار القرارات من القصور. واليوم، ونحن نعيش أزمات متراكمة ومتفاقمة، فإن نهج الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) تأكيد وتذكير (وتحذير) بأن: الحرية ليست شعاراً، بل ممارسة يومية. العدالة ليست برامجاً، بل نمط حياة. المسؤولية ليست منصباً، بل مشاركة أخلاقية وإنسانية. بالتالي، فإن دولة الإنسان التي بناها الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) تثبت أن قوة الدولة الحقيقية: ليست في القمع بل في العدالة، وليست في الثروة بل في الزهد، وليست في السلطة بل في المسؤولية. بالتالي، يبقى دولة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) النموذج الأكثر إشراقاً في تاريخ الحكم، والأكثر غياباً في واقعنا. وهكذا، يبقى فكر وأخلاق علي بن أبي طالب الأكثر غياباً في واقعنا.
------------------------------ (*) من كتاب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى عثمان بن حنيف الأنصاري، عامله على البصرة، وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها": "ألا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به ويستضئ بنور علمه. ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد، فوالله ما كنزتُ من دنياكم تبراً، ولا ادخرت من غنائمها وقرأ، ولا أعددت لبالي ثوبي طمراً، ولا حزت من أرضها شبراً" (بحار الأنوار: ج33 – ص474). |
|
|
|
|
|
|
|