الإمام الشيرازي الراحل .. لا غنى عن الحرية أبداً




(الذكرى الرابعة والعشرون لرحيله قدس سره)

 

موقع الإمام الشيرازي

 

تميز المرجع الديني المجدد السيد محمد الحسيني الشيرازي (1347-1422هـ) بتعدد وتنوع مؤلفاته الفكرية والتاريخية والثقافية والأخلاقية؛ فضلاً عن موسوعته الفقهية الضخمة. من المواضيع المهمة التي تحدث عنها "الحرية"، التي يراها أساس الحياة والإسلام، لافتاً الى أن من يريد إسعاد شعبه وازدهار بلاده عليه أن يهتم بترسيخ الحريات، ويقول إن "مناخ الحرية يجعل من النواة شجرة" (العدل أساس الملك – ص 12). مبيناً أن "ازدهارَ الحريات يعني فيما يعني حماية كرامة الإنسان، والحفاظ على حقوق الشعب السياسية والمدنية" (فقه العولمة – ص 72).

الحرية ضرورية للحياة

يرى الإمام الشيرازي أن الإنسان لا يستطيع العيش بدون حرية. مؤكداً أن الإنسان يولد حراً، وينبغي أن يختار طريقه بنفسه. يوضح أن الحرية ليست مجرد حق، بل هي أساس البقاء والتقدم، فبدونها لا يمكن للإنسان أن يعيش أو يتطور، يقول "العمل للحياة لا يكون إلا بالحرية، فإذا لم تكن حرية لم يكن عمل للحياة؟!" (لنبدأ من جديد – ص 26). لافتاً الى "ضرورة إرجاع حريات الإنسان المهدورة" (القرن الحادي والعشرون وتجديد الحياة – ص 5).

الحرية في الإسلام

يؤكد الإمام الشيرازي "لا منافاة بين الدين والحرية، بل الدين يدعو إلى الحرية" (عاشوراء والعودة الى الإسلام – ص 40). ويصرح بأن الإسلام يعطي الحرية مكانة كبيرة، ويقول (قدس سره): "الحرية في الإسلام مثل القلب في الجسم" (لماذا تأخر المسلمون – ص 23)؛ أي لا غنى للإنسان عن الحرية أبداً. ويوضح أن الأصل في الإسلام هو الحرية في كل شيء، إلا في الأمور المحرمة فقط، فيقول: "الحرية في الإسلام مقيدة بالأحكام الشرعية" (الاقتصاد بين المشاكل والحلول – ص 142). مؤكداً أن الإسلام دعا الى تحرير الناس، مذكراً أن استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) "كان من أجل إحياء الحرية التي ماتت على أيدي بني أمية" (عاشوراء والعودة الى الإسلام – ص 39).

الحرية ضد الاستبداد

الإمام الشيرازي يرفض الديكتاتورية بشدة، ويقول: "حذارِ حذارِ أن تبقى في بلد الديكتاتوريات، ولو كان لك ألف مبرر ومبرر" (العدل أساس الملك – ص 10). محذراً من أن البقاء في بلاد تُقمَع فيها الحريات يعني أنك تنتظر الظلم والحرمان والخوف والاعتقال وربما القتل. منبهاً أن الطغاة يقومون بسرقة الحرية باسم القوانين أو العادات، فيما الإسلام يرفض ذلك ويريد للناس أن يعيشوا أحرارًا.

كيف نعرف أن هناك حرية؟

يضع الإمام الشيرازي علامات واضحة لمعرفة إذا كانت الحرية موجودة أو لا، فيقول: "إذا رأيت الصحف تنتقد بحرية وتتكلم عن كل شيء، ويقول الناس رأيهم علنًا دون خوف، فاعلم أن الحرية موجودة" العدل أساس الملك – ص 9). يعني أن حرية التعبير هي دليل على الحرية الحقيقية. ويضيف (قدس سره): "إذا اطلعنا على إسلام الكتاب والسنّة وتطبيق الرسول (صلى الله عليه وآله) رأينا إسلاماً بكمال الحرية والرفاه والواقعية" (مطاردة قرن ونصف - ص  14). يضيف قائلاً: "لقـد بلـغ التسامح برسول الله أنه جعل اليهود أمّة مع المسلمين، كما ورد فـي الصحيفة التي هي أول دستور للدولة الإسلامية، وكان (صلّى الله عليه وآله) ليّناً حتى مع أعدائه الذين شهروا السلاح بوجهه" (مطاردة قرن ونصف – ص 14).

الحرية مع المسؤولية

يؤكد الإمام الشيرازي أن الحرية لا تعني الفوضى، بالتالي ينبغي لكل إنسان أن يعرف حدود حريته كي لا ينتهك حريات الآخرين. في الإسلام، الحرية تأتي مع احترام حقوق الناس، حتى تكون مفيدة وليست ضارة، يقول (قدس سره) إن "الحرية التي يمنحها الإسلام للأفراد، لا تعني التعدي على حقوق الآخرين والمساسَ بكرامتهم بقول أو فعل، فالمجتمع الذي يريد بناءه الإسلام، مجتمع حر وطاهر، الكل فيه آمن، ولا يُخشى من أحدٍ على أحدٍ" (الدولة الإسلامية رؤى وآفاق – ص 23). مع ذلك، يرى أن "الحريات تُكبت في بلاد الإسلام في أكثر مجالاتِ الحياة" (لماذا يحاربون القرآن – ص 21).

الخلاصة

الحرية عند المرجع الديني المجدد السيد محمد الحسيني الشيرازي (1928 – 2001) هي أساس الحياة والإسلام. يراها من حق كل إنسان، ويدعو للقتال ضد الاستبداد الذي يمنعها. لكنه يشدد على أن الحرية تكون ضمن حدود الدين والعقل، مع احترام حقوق الآخرين وكراماتهم. بهذا الشكل، يجمع بين الدين والحرية، ويقول إنهما متلازمان، لأن الإسلام نفسه يدعو للحرية، ويقول "إن الإسلام دين الحرية والتحرر" (عاشوراء والقرآن المهجور – ص 14).

10 / شوال / 1446هـ