|
الوجه الخامس |
|
(الوجه الخامس) ـ مما أورد به على الترتب ـ قياس الإرادة التشريعية بالإرادة التكوينية، فكما لا يمكن وجود إرادتين تكوينيتين مترتبتين، كذلك لا يمكن وجود إرادتين تشريعيتين مترتبتين. وهذا الوجه مبنى على كون الإرادة التكوينية هي الجزء الأخير من العلة التامة للفعل، فلا محالة تنتهي إليه، لاستحالة تخلف المعلول عن العلة التامة، ومعه ينتفي شرط تعلق الإرادة بالمهم، فلا تعقل إرادته على نحو الترتب مع أن وجودهما معاً يستلزم تلبس المكلف بالضدين في وقت واحد، وهو محال، لكن سيأتي في مبحث (ما يناط به الأمر بالمهم) المناقشة في المبنى إن شاء الله تعالى. ويؤيده ما نجده من أنفسنا من تعلق الإرادة بشيء مستقبلي، وبغيره على تقدير عدم تيسر الوصول إليه، فتأمل. وعلى فرض تسليم الحكم في المقيس عليه يرد على هذا الوجه ما ذكره المحقق الأصفهاني (قده) في (النهاية) حيث قال: (إنه قياس مع الفارق، فإن الإرادة التكوينية هي الجزء الأخير من العلة التامة للفعل، فلا يعقل إناطة إرادة أخرى بعدم متعلق الأولى مع ثبوتها، بخلاف الإرادة التشريعية فإنها ليست كذلك، بل الجزء الأخير لعلة الفعل إرادة المكلف فهي من قبيل المقتضي، وثبوت المقتضي مع عدم مقتضاه لا مانع منه، وخلو الزمان وإن كان شرطاً في تأثير المقتضي أثره إلا أن خلوه عن المزاحم في التأثير شرط، لا خلوه عن المقتضي المقرون بعدم التأثير، فإما لا اقتضاء لأحدهما، وإما لا مزاحمة للمقتضي) فتأمل. ولا يخفى عليك أن اختلاف مزاج الإرادتين غير خاص بالمقام بل يجري في مواطن أخرى، مما يجعل قياس إحداهما بالأخرى قياساً فاقداً للجامع المشترك. |