|
(1) فصل الجملة القرآنية عن السياق |
|
للسياق أثر كبير في الدلالة على مقصود المتكلم، ونقصد بـ (السياق) الجو العام الذي يحيط بالكلمة، وما يكتنفها من قرائن وعلامات. إن الكلمة الواحدة والجملة الواحدة قد تحمل مدلولين متناقضين تماماً، دون أن تختلف الكلمة في بنائها الداخلي، وإنما الذي تغير هو (السياق) والقرائن المحيطة. فقد يقول الأب لابنه: (افعل الأمر الفلاني) وهو يقصد المعنى الظاهري لهذه الكلمة، وقد يستخدم نفس الكلمة ويقصد بها التهديد، الذي يستطيع اكتشافه من خلال القرائن، وهنا ينقلب معنى (افعل) إلى معنى مناقض تماماً هو (لا تفعل)! وهذا هو بالضبط ما ينطبق على القرآن الكريم، فقد يستخدم القرآن صيغة الأمر ويقصد بها مدلولها الظاهري، عندما يقول: (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ)[1]. وقد يقصد بها الإباحة عندما يقول: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا)[2] عقيب الحظر في قوله: (لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)[3]. وقد يقصد التهديد عندما يقول: (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ)[4]. وقد يقصد التعجيز والتحدي عندما يقول: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)[5] أو عندما يقول على لسان نبي الله هود (عليه السلام) مخاطباً قومه الكافرين: (.. فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنْظِرُونِ)[6]. وقد يقصد الاستهزاء عندما يقول - على لسان الله في خطابة لبعض أهل جهنم -: (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)[7]، وهكذا وهلم جراً[8]. ولقد استخدمت هذه الآيات جميعاً صيغة الأمر: (أقم، فاصطادوا، فاعبدوا، فأتوا، فكيدوني، ذق)، فما الذي جعلها تعطي مدلولات مختلفة، بل ومتناقضة أيضاً؟ إنه السياق القرآني، والقرائن الخارجية، لا غير. ونحن نجد أن المسلمين الأولين كانوا يستطيعون أن يحدّدوا مفهوم كلمة معينة، أو آية معينة في القرآن من خلال سياقها العام. ففي الحديث: أن أحد الصحابة قرأ على المنبر قوله تعالى: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً)[9]. ثم أردف: كل هذا عرفناه فما الأب؟ ثم حرك عصا كانت في يده وقال: هذا لعمر الله هو التكلف، فما عليك أن لا تدري ما الأب؟ وأضاف موجهاً خطابه إلى الجماهير: اتبعوا ما بُيّن لكم هداه من الكتاب فاعملوا به، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه![10]. وفي بعض المصادر: أن علياً (عليه السلام) جاء بعد ذلك وقال: إن معنى اللفظ موجود في الآية ذاتها، لأن الله يقول: (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً * مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ) فالفاكهة لكم، والأب لأنعامكم[11]. وهكذا كشف الإمام علي (عليه السلام) للناس معنى الأب، من خلال السياق القرآني. وفي حديث آخر: أن عمر مرّ يوماً بشاب في فتيان الأنصار وهو ظمآن، فاستقاه. فخلط له الفتى الماء بعسل وقدمه إليه، فلم يشربه وقال: إن الله تعالى يقول: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا). فقال له الفتى: يا أمير المؤمنين! إنها ليست لك ولا لأحد من أهل القبلة. أترى ما قبلها (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا)[12] فقال عمر: كل الناس أفقه من عمر![13]. لقد تصور عمر أن هذه الآية تنهى المؤمنين عن تناول الطيبات، وتدعوهم لتأجيلها إلى الآخرة، وتؤكد أن الذين يعجّلون بالطيبات في هذه الآيات ليس لهم منها نصيب في الآخرة. وكان هذا التصور نابعاً من تجزيئه للآية الكريمة. ولكن الفتى الأنصاري استطاع أن يفهم أن المراد (أنه يقال للكافرين حين عرضهم على النار لقد أنفذتم الطيبات التي [كنتم] تلتذون بها في حياتكم الدنيا - والمراد بالطيبات: المعاصي والذنوب ولذلك عبر القرآن بـ (طيباتكم) - فلم يبق لكم شيء تلتذون به في الآخرة)[14]. ولم يكن الأنصاري ليستطيع أن يدرك هذا المعنى، إلا من خلال ملاحظته لسياق هذه الآية. هذا من جانب. ومن جانب آخر، استطاع بعض المسلمين أن يكتشفوا ترابط بعض الآيات، من خلال ملاحظة السياق القرآني. لقد سمع أحد العرب رجلاً يتلو آية هكذا: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله غفور رحيم). فقال له الإعرابي: أخطأت. قال: وكيف؟ قال: إن المغفرة والرحمة لا تناسبان قطع يد السارق. فتذكّر الرجل الآية وقال: (والله عزيز حكيم)[15]. فقال الإعرابي: نعم، بعزته أخذها، وبحكمته قطعها[16]. من كل ذلك: نستطيع أن نكتشف أن (السياق القرآني) هو عامل حاسم في فهم القرآن الكريم، وأن المسلمين الأولين استطاعوا أن يستفيدوا من هذا العامل في فهم، أو تفهيم الآية القرآنية. وجاءت أجيال أخذت تفصل بين الجملة القرآنية وبين السياق، لتستنتج من ذلك - عن علم أو جهل - مفاهيم تتنافى مع أبسط مبادئ الدين! هذه الأجيال أخذت تفسر القرآن على طريقة من يستدل على عدم وجود الصلاة بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ)[17]! وقد ترتب على ذلك مضاعفات خطيرة في مجالات مختلفة، نذكر منها ما يلي: 1 - مجال العمل والتحرك. 2 - مجال العقيدة والإيمان. 3 - مجال فهم (الكلمة) القرآنية. ولكن كيف؟! دعنا نعرف. |
|
أولاً: في المجال العَمَلي |
|
يقول القرآن الكريم: (وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[18]. هذه المقطوعة من الآية أصبحت شعاراً لكل المتقاعسين الذين يريدون التهرب من مسؤوليات العمل والتضحية. فعندما يقال لهم: (ابذلوا المال في سبيل الله) يجيبون فوراً: إن ذلك يعني نفاد أموالنا والله العالم يقول: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)! وعندما يقال لهم: تعالوا، نعمل، ونجاهد في سبيل الله، ونقاوم المفسدين والظالمين، يردون: لا شأن لنا بذلك، إذ أنه يعني: ضياع وقتنا، وخراب بيتنا، وإلقاءنا في أعماق السجون، وهذا هو بالضبط (التهلكة) التي نهانا الله أن نلقي أنفسنا، بأيدينا، فيها! إذن، ما العمل؟! عليك أن تهتم بأمر نفسك، أما الآخرون: فما لك ولهم؟! دعهم يذهبوا إلى الجحيم؟ ألم يقل شاعرهم في ذلك: وما أبالي إذا نفسي تطاوعني***على النجاة بمن قد ضل أو هلكا! وماذا بعد ذلك؟ لا شيء سوى أن تنزل رأسك، وتغمض عينيك، وتذهب بهدوء، وتعود بهدوء (لكي لا تنطحك الهرّة)! وإلا، فإنك تكون قد ألقيت نفسك في التهلكة، وكان جزاؤك جهنم خالداً فيها، وبئس المصير! (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)[19]! هذا هو منطق (التجزيئيين)، الذين يفصلون بين الجملة القرآنية وبين سياقها، عن علم أو جهل، لكي يستنبطوا منها هذه (المفاهيم المريحة)! ولكن، دعنا نلقي نظرة على سياق هذه الآية لكي نفهم ما هو المقصود؟! يقول القرآن الكريم: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَ عَلَى الظَّالِمِينَ). (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ). (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[20]. فقد جاءت هذه الآية في سياق آيات تحث المؤمنين على الجهاد في سبيل الله، ذلك لأن الجهاد كما يحتاج للرجال يحتاج للمال، ورغم أن كل مسلم مجاهد كان يجهّز نفسه بعدّة القتال، ومركب القتال، وزاد القتال، إلا أن كثيراً من فقراء المسلمين الراغبين في الجهاد لم يكونوا يجدون ما يزوّدون به أنفسهم، ولا ما يتجهزون به من عدّة الحرب، ومركب الحرب، وكانوا يجيئون إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يطلبون منه أن يحملهم إلى ميدان المعركة البعيد، الذي لا يُبلغ على الأقدام، فإذا لم يجد ما يحملهم عليه (تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) كما حكى عنهم القرآن الكريم في سورة التوبة: 92. ومن أجل هذا كثرت التوجيهات القرآنية إلى الإنفاق في سبيل الله، الإنفاق لتجهيز الغزاة. وصاحبت الدعوة إلى الجهاد دعوة إلى الإنفاق في معظم المواقع. وعقيب هذه الدعوة يؤكد القرآن على أن عدم الإنفاق في سبيل الله، يعني (إلقاء النفس في التهلكة) ذلك أن البخل يسبب تضعضع الجبهة الداخلية للمؤمنين، وبالتالي انتصار الأعداء عليهم وإبادتهم مادياً ومعنوياً. ثم يطالب القرآن الأمة المؤمنة بالمزيد من البذل والعطاء حين يقول: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[21]. إذن، فالسياق هنا يؤكد أن المراد من التهلكة هي (التهلكة التي تنبع من عدم الإنفاق)[22]. |
|
ثانياً: في المجال العقائدي |
|
يقول الله تعالى: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)[23]. من خلال هذه المقطوعة من الآية، وآيات أخرى غيرها، يحاول (التجزيئيون) أن يفهموا أن لله تعالى وجهاً، وعيناً، ويداً، وساقاً، إلى غير ذلك من الأعضاء والجوارح[24]. ولكن، هل هو صحيح ما يفهمون؟! قبل أن نجيب على هذا السؤال لابد أن نوضح حقيقة هامة، هي أن لليد استعمالات مختلفة، بعضها حقيقي، وبعضها غير حقيقي، والسياق هو الذي يستطيع أن يكشف المعنى المقصود؟! مثلاً: إذا سمعت شخصاً يسأل زميله قائلاً: ما فعلت الشرطة بفلان؟ فأجاب: غلّوا يديه وراء ظهره، وأدخلوه السجن، فما الذي تفهم من كلمة (اليد) هنا؟ لا شك أنك تفهم المعنى الحقيقي لليد، أي تلك القطعة المكونة من لحم وعظم، والمتصلة بالذراع. أما لو تساءل أحدهما عن الآخر، عن جود فرد معين، فأجابه: بأن يده مغلقة، أو مغلولة إلى عنقه، أو بأن يده يابسة مثلاً، فهل تفهم من ذلك على أن هنالك مرضاً في يده لا يدعه أن يفتحها، أو أن هنالك حبلاً يربط يديه إلى عنقه، أو أن يده غير رطبة وغير مبللة؟ أو عندما يقول القرآن: (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ)[25] فهل تجمد على ظاهر اللفظ، بعيداً عن الذوق العربي الرقيق، وتجعل المعنى: ولا تشدّ يديك إلى رقبتك كالكسير، ولا تمدهما إلى طرفيك أفقياً - كلاعب رياضة؟! أم أنك تفهم أن (غلّ اليد إلى العنق) و (بسط اليد) تعبيران غير حقيقيين يقصد منهما البخل والإسراف[26] وإذا اتضحت هذه الحقيقة نقول: إن سياق هذه الآية الكريمة يكشف لنا أن (اليد) هنا لم تستعمل بمعناها الحقيقي، بل هي مجرد تعبير غير حقيقي، يقصد به التعبير عن مدى جود الله وكرمه، في قبال أولئك اليهود الذين اتهموا الله بالبخل، والذين جاءت هذه الآية الكريمة للرد عليهم. والآن، تعالوا نلقي نظرة (شمولية) على هذه الآية الكريمة: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ)[27]. فماذا نفهم؟ هل نفهم المعنى الحقيقي لكلمة (اليد) بمعنى أن الله تعالى متربّع فوق العرش وقد بسط يديه عن آخرهما يعطي لهذا درهماً، ولذاك ديناراً؟! أم أننا نفهم المعنى غير الحقيقي، الذي يعني: الجود والعطاء؟ الحكم متروك للقراء الكرام. |
|
ثالثاً: في مجال فهم (الكلمة) القرآنية |
|
يقول الله تعالى: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ)[28]. قلت له: هل يمكن أن تشرح لي معنى الآيتين الكريمتين؟ أجاب: المعنى واضح جداً، فالشمس والقمر يسيران بحساب دقيق، لا يمكن أن يتسرب إليه الخطأ أبداً، والنجم والشجر يخضعان لله! سألته: وهل يمكن أن تكشف لي عن الارتباط بين (النجم) و (الشجر) حتى يسوقهما القرآن الكريم بعصا واحدة؟! فلم يحر جواباً! والآن، لنرجع إلى اللغة، لنرى ماذا تقول: (النجم: ما نجم أي طلع من النبات على غير ساق، وهو خلاف الشجر). ثم: نعود إلى التفاسير لنجدها تؤكد المعنى ذاته. وهذا المعنى هو الذي ينسجم مع السياق القرآني إذا لاحظنا علاقة (النجم) بـ (الشجر)، فعندما نفسر (النجم) هنا بأنه ما لا ساق له من النباتات يكون الارتباط واضحاً بينه وبين (الشجر)، باعتبار أن (النجم) هو النبات الضئيل الحجم و (الشجر) هو النبات الكبير الحجم. أما لو فسرنا (النجم) بأنه يعني: (الكوكب)، فعندئذ لنا أن نتساءل: ما هي العلاقة بين (الكوكب) وبين (الشجر)؟ هل هي علاقة العظمة والضآلة؟ إذن، كان الأحرى بالقرآن أن يقول: (والنجم والذرة يسجدان مثلاً، أم علاقة أخرى غيرها؟ إذن، فاشرحوها لنا! هذا بالإضافة إلى مؤشر استحساني، هو أن القرآن الكريم ذكر في الآية السابقة كوكبين من الكواكب السماوية وهما (الشمس) و (القمر) عندما قال: (الشمس والقمر بحسبان). من هنا كان المناسب للسياق أن يذكر في قبال ذلك كائنين أرضيين، ومن هنا فقد ذكر (الشجر) و (النجم)، حسب المعنى السالف للنجم. أما لو فسرنا (النجم) بالكوكب فإننا سنكون أمام ثلاثة كائنات سماوية، وكائن واحد أرضي. إلى هنا، نكون قد انتهينا من البحث الأول من بحوث (الفهم التجزيئي للقرآن) وكان يدور حول (فصل الجملة القرآنية عن السياق). وتبقى هنا ملاحظتان: الأولى: أن (السياق القرآني) وإن كان عاملاً هاماً في فهمنا لمعاني القرآن، إلا أنه يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع العوامل الأخرى المساعدة على فهم الآيات الكريمة، من (التفسير) و (الروايات) و (موارد نزول الآيات) وما أشبه. الثانية: في حالة تعارض الروايات الصحيحة مع (السياق القرآني المتصوّر) تقدم الروايات بالطبع، وهذا لا يعني أن من الممكن أن يختل (السياق القرآني) لسبب من الأسباب لأن ذلك يعني عجز الله سبحانه، وإنما يعني أن (المدعى سياقاً) كان خطأً واشتباهاً، وبعبارة أخرى إن تناقض الروايات مع (السياق المتصور) يدل على وجود (سياق واقعي) إلا أننا تصورنا (سياقاً موهوماً) دفعنا إلى الإحساس بذلك التناقض. |
|
[1] سورة الإسراء: 78. [2] سورة المائدة: 2. [3] سورة المائدة: 95. راجع الكتب الأصولية في مبحث (الأمر عقيب الحظر). [4] سورة الزمر: 15. [5] سورة البقرة: 23. [6] سورة هود: 55. [7] سورة الدخان: 49. [8]راجع - للمزيد من التفاصيل - كتاب (معالم الدين في الأصول) ص39، فقد ذكر لصيغة الأمر (15) معنى! [9] سورة عبس: 27 - 31. [10]الغدير: ج 6 - ص 99. [11] بحوث في القرآن الكريم: ص40، علماً بأن الحادثة نقلت في هذا الكتاب باختلاف يسير. [12] سورة الأحقاف: 20. [13] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 61، طبعة (دار إحياء التراث العربي). [14]الميزان في تفسير القرآن: ج 18 - ص206. [15] سورة المائدة: 38. [16]القرآن كتاب حياة: ص67 - 68. [17] سورة النساء: 43. [18] سورة البقرة: 195. [19] سورة الحج: 11. [20] سورة البقرة: 193 - 195. [21] فسروا قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) بأن العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه. والإحسان هو الزيادة على ذلك. [22] هنالك مؤشرات كثيرة تدل على أن المراد من (التهلكة) هنا عدم الجهاد، لكننا لم نسجلها لأنها لا ترتبط جذرياً بموضوع هذا الكتاب. [23] سورة المائدة: 64. [24] ويقول شاعرهم في ذلك: لله وجــــه لا يحــــد بصــــورة***ولــــربنا عيـــــنان نــــاظرتان! وله يدان، كــــــما يقـــول إلهنا***ويمينه جلــــت عــــــن الإيمان كلتا يديه يمــــين حين وصفهما***وهما علــــى الثقلـــين منفقتان كرسيه وسع الســـماوات العلى***والأرض وهــــو يعـمه القدمان والله يضحك لا كضـــحك عبيده***والكيف ممتــــنع على الرحمان والله ينزل كـــــل آخــــر ليـــلة***لسمائه الدنـــيا، بـــــلا كتـــمان فيقول هل من ســـائل فأجـــيبه***فأنا القريب أجيـــــب من ناداني (راجع: التمهيد: ج3 ص90). بل لقد تطرف بعضهم حتى حكى الكعبي عنه: أنه كان يجوز الرؤية في دار الدنيا، وأن يزوروا الله ويزورهم. وحكي عن داود الجواربي أنه قال: (اعفوني عن الفرج واللجة واسألوني عما وراء ذلك)! وأنه قال: (هو - أي الله - أجوف من أعلاه إلى صدره، مصمت - أي غير مجوف - ما سوى ذلك، وأن له وفرة - الشعر المتدلي على الأذنين - سوداء، وله شعر قطط - أي قصير أجعد)! كما أنهم رووا (أن الله اشتكى عينيه فعادته الملائكة)! وأنه (بكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه)، وكأنه ندم على تسرعه بإهلاكهم، تعالى الله عن ذلك. و (أن العرش ليئطّ من تحته - أي يصوت ويهتز - أطيط الرحل الجديد)، وكأنه سبحانه لم يستطع أن يصنع لنفسه عرشاً قوياً يستطيع أن يتحمل ثقله، تعالى الله سبحانه عن ذلك علواً كبيراً. (راجع التمهيد: ج1 ص64 - 65). [25] سورة الإسراء - 69. [26] قال الزمخشري في الكشاف: (.. حتى أنه يستعمل - أي هذه التعبيرات غير الحقيقية - في ملك لا يعطي عطاء قط ولا يمنعه إلا بإشارته من غير استعمال يد وبسطها وقبضها. ولو أعطى الأقطع - أي مقطوع اليد - إلى المنكب عطاءً جزيلاً لقالوا: ما أبسط يده بالنوال، لأن بسط اليد وقبضها عبارتان وقعتا متعاقبتين للبخل والجود) راجع الكشاف، المجلد الأول، ص627، طبعة دار المعرفة، لبنان. [27] سورة المائدة: 64. [28] سورة الرحمن: 5 - 6. |