المؤلفات |
بسم الله الرحمن الرحيم |
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين الذين قادوا مهمة تأسيس المساجد والحسينيات ثمّ إشغالها بما يلائمها من الصلوات والمراثي ونحوها، إني أعدهم من (الأبطال) الذين يعدون بالأصابع. أما عدهم بالأصابع، فلا يحتاج إلى دليل، فانك لا تجد في كل ألف إنسان، بل أحيانا في كل عشرة آلاف إنسان، إلا إنسانا واحدا، أو بضعة أفراد قاموا بهذه المهمة (السهل الممتنع). وأما أنهم أبطال، فلأنهم كافحوا وناضلوا، وقد تهجم عليهم الجهال بمختلف ألوان التهجم، عن جهل أو غرض أو حسد لكنهم جاهدوا واحتسبوا كل ذلك في سبيل الله سبحانه. وإني (شخصيا) قابلت وزيرا قبل عشر سنوات أطلب منه إرجاع أرض مسجد ـ جعل حراجا مرة محلا للحمير مرة أخرى ـ وذلك لأجل أن نرجعه إلى حالته المسجدية. فقال الوزير، بملء فمه: لاتبالغوا في الطلب، فقانون البلاد قاسي بالنسبة إلى المساجد، حتى أنه لا يسمح بإعطاء أرض للمسجد مجانا، بينما يسمح بإعطاء الأرض مجاناً (للأوبرا). وإني لا أعلم هل صدق الوزير في مقاله ذاك أم كذب؟ ـ لكنه على كل حال ـ كان يعكس المقاومة الشديدة من بناء المساجد حتى على أرض نفس المسجد-. كما أني ذات مرة قرأت في جريدة رسمية: تخصيص حكومة (كانت تدعي أنها حكومة إسلامية) مبلغ 27 مليون دينارا لأجل بناء المسابح المختلطة في كل المحافظات، وفي نفس الوقت قطعوا التيار الكهربائي عن مسجد ـ في مدينة مقدسة ـ لأجل أن المسجد مدين إلى إدارة الكهرباء، بمبلغ ثمانية دنانير فقط. وعندي من أمثال هذه القصص التي أنا شاهدتها بنفسي، أو سمعتها من الثقات ما لو جمعت لملأت كتابا في خمسمائة صفحة أو أكثر.. أليس كل ذلك دليلا كافيا على أن الذين أسسوا المساجد والحسينيات، ثم قادوا عمرانها بالأمور الإسلامية، كانوا أبطالا، جزاهم الله خيرا، وكثّر في المسلمين أمثالهم، وأثابهم ثواب المجاهدين، وما ذلك على الله بعزيز، وإني أكن لهم من أعماقي كل حب وتقدير واحترام، وأوصي ـ دائما ـ الناس بمساعدتهم واحترامهم، وتقدير جهودهم. وقد ورد في الحديث الشريف (أن من بنى مسجدا بنى الله له بكل شبر مدينة في الجنة مسيرة أربعين ألف عام)(1). أما الحسينيات، فهي دور إسلامية، جعلت لأجل إحياء الإسلام والفضيلة، فلمؤسسيها وقائدي حركتها الإصلاحية الثواب المذكور في الحديث الشريف: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها)(2) كما تشملهم الرحمة الواردة في الحديث الشريف: (رحم الله من أحيا أمرنا)(3) كما أنهم داخلون في زمرة (الحافظين لحدود الله) و(الآمرين بالمعروف) و (الناهين عن المنكر) و(المرشدين للجاهل) و(المعاونين على البر والتقوى). وإني أرى من المحبذ جدا، أن يهتم أهل الخير، الإكثار من بناء المساجد والحسينيات، والمعاونة مع مؤسسيها وأصحابها، بالمال والتشجيع والدفاع عنهم. أما هذا الكتاب (رسالة المساجد و الحسينيات) فقد كتبته لأجل بيان ما يمكن أن نستفيده من هاتين الطاقتين الهائلتين: (المساجد والحسينيات) لأجل تعميم الإسلام والإيمان و الفضيلة والتقوى والعلم والعمل، فان المقدار المستفاد من هذه الطاقة العظيمة، دون المستوى غالبا، بل ربما لا يعد المقدار المستفاد منها بالنسبة إلى المقدار المهمل، حتى جزءا من مائة جزء. فمن اللازم الاهتمام الكافي، لاستفادة القدر الممكن من هذه الطاقة المعنوية، لبناء الحياة السعيدة للأجيال الصاعدة، لينعموا بخير الدنيا والآخرة. ثم إن ما نذكره في هذا الكتاب ليس بالأمر الصعب، إذا تظافرت الجهود، وانتشر الوعي … فإذا تشكلت في كل مسجد أو حسينية لجنة مكونة من ثلاثة أفراد على أقل تقدير، ولو كان الثلاثة عبارة عن متولي المسجد والحسينية ونفرين من أقربائه وأصدقائه، لأمكن أداء هذه (الرسالة). ثم إن ما ذكرناه هو بعض رسالة المسجد والحسينية، واقتصرنا عليه رعاية للظروف. والله المسؤول أن يوفق الجميع لما فيه رضاه، وهو الموفق المستعان. كربلاء المقدسة ـ الكويت محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي.
|
1 ـ راجع جامع أحاديث الشيعة ج 4 ص 657 الحديث 6 باب 10. 2 ـ الكافي 5 / 11 / باب 3، ح 1. 3 ـ وسائل الشيعة 8 / 410 / باب 10، ح 1. |