الفهرس

المؤلفات

 الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

تجزئة البلاد الإسلامية

من مقومات الإصلاح رفع الحدود المصطنعة بين البلدان الإسلامية، فإنها بدعة محرمة جاء بها الاستعمار وطبقها عملاؤه في المنطقة.

فإن المستعمرين أول ما دخلوا العراق قبل ثمانين سنة، وبعد أن توفي المرحوم الخال الميرزا الشيرازي[1] جعلوا حدوداً بين مدن العراق، فمن أراد أن يسافر من مدينة إلى مدينة وجب عليه أن يأخذ تصريحاً من الإدارة البريطانية وذلك بتزكيته بأنه لا يتدخل في السياسة، ولم يكن قد حارب ضد المستعمر، وكان ذلك بإشراف وتنفيذ من الحاكم البريطاني ودائرتهم.

أما في إيران فلما دخلوها إبان حكم (البهلوي الأول) فنفّذ الشاه أوامرهم بتجزئة البلاد، فكان لا يحق لأحد أن يرحل من بلد إلى بلد إلا بإجازة.

كما أن البريطانيين لما وردوا الخليج من الكويت إلى السعودية وغيرهما، جعلوها ثمانية عشر إمارة بعضها مستقل عن بعض.

وقبل ذلك فعلوا بالهند والصين نفس الشيء.

وهذا على عكس قانون الإسلام تماماً، حيث روى المؤرخون أن الجزيرة العربية كانت مجزأة ومنقسمة بسبب القبائل والأقوام المختلفة التي تسكنها، فكانت هذه البقعة لهذه العشيرة، وتلك لعشيرة ثانية، وهكذا، وكان لا يحق لأحد منهما أن يدخل أراضي غيره إلا بإجازة أو ما أشبه.

كما كانت نفس هذه الحالة بين بلاد أخرى، فمثلاً بين الكويت آنذاك وهي كانت مساكن عشائر، والبحرين حيث كانت مدينة عامرة، وكان لها حدودها الخاصة، وهكذا.

لكن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أسقط تلك الحدود بين العشائر والبلدان، وكذلك كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وحتى الذين جاؤوا من بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ممن فتحوا البلاد جعلوها قطعة واحدة ضمن بلد إسلامي كبير، فكان يحق لساكن الاتحاد السوفياتي سابقاً أن يسافر إلى أقصى بلاد المغرب والأندلس، ويعتبر هو في بلده وله كل الحقوق والواجبات.

والمترقب أن ترجع بلاد الإسلام إلى سنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأن تسقط كل الحدود المصطنعة، وما ذلك على الله بعزيز.

[1] هو الشيخ محمد تقي بن الميرزا محب علي بن أبي الحسن الميرزا محمد علي الحائري الشيرازي زعيم الثورة العراقية، ولد في شيراز عام 1256هـ ونشأ في الحائر الشريف، قرأ الأوليات ومقدمات العلوم، وحضر على أفاضلها حتى برع وكمل، ثم هاجر إلى سامراء في أوائل المهاجرين، فحضر على المجدد الشيرازي حتى صار من أجلاء تلاميذه وأركان بحثه، وبعد أن توفى أستاذه الجليل تأهل للخلافة بالاستحقاق والأولوية والانتخاب، فقام بالوظائف من الإفتاء والتدريس وتربية العلماء. ولم تشغله مرجعيته العظمى وأشغاله الكثيرة عن النظر في أمور الناس خاصهم وعامهم، وحسبك من أعماله الجبارة موقفه الجليل في الثورة العراقية، وإصداره تلك الفتوى الخطيرة التي أقامت العراق وأقعدته لما كان لها من الوقع العظيم في النفوس. فهو (رحمه الله) فدى استقلال العراق بنفسه وأولاده وكان قد أفتى من قبل بحرمة انتخاب غير المسلم. وكان العراقيون طوع إرادته لا يصدرون إلا عن رأيه وكانت اجتماعاتهم تعقد في بيته في كربلاء مرات عدة. توفي (رحمه الله) في الثالث عشر من ذي الحجة عام (1338هـ) ودفن في الصحن الحسيني الشريف ومقبرته فيه مشهورة.