الفهرس

المؤلفات

 الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

إحياء الضمير

من مقومات الإصلاح، إحياء الضمير الإنساني في النفوس.

قال أحد الخطباء ممن كان يخطب بعد صلاة والدي (رحمه الله)[1] في صحن الإمام الحسين (عليه السلام): إنه حين ذهب من العراق إلى إيران لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام) فلما أراد الرجوع، جاء إلى طهران لإصدار تأشيرة خروجه إلى العراق، قال: فعطلتني الاستخبارات عدة أيام بأعذار واهية، فأخذت بتوسيط بعض الشخصيات والوجهاء إليهم ليسمحوا لي بالرجوع.

وقد ذكر قصة طويلة حول كيفية عدم منحه تأشيرة الخروج بألف عذر وعذر، حتى أني فكرت في وقته أن أجمع ما ذكره في عدة جلسات، في كتاب أظنه كان يستوعب ما لا يقل عن مائتي صفحة.

قال: وأخيراً أحالوني إلى (نصيري)[2] رئيس السافاك الرهيب، فدخلت دائرته وكانت مؤلفة من عدة طبقات ولها غرف متعددة، يدخلونني في غرفة ويخرجونني من غرفة أخرى، ومن طابق إلى طابق، وكانت في كل غرفة طاولة وشخص جالس خلفها بوجه عبوس وبهياكل مخيفة حيث حليقو اللحية وفتلة الشارب وما أشبه، وقد علمت أن إدخالي في هذه الغرف للإرهاب، إلى أن وصلت بعد أكثر من ساعة وأنا منهك إلى غرفة نصيري، فقام لي مبتسماً حتى أطمئن إليه كما هي عادة السافاك في ذلك، فاحترمني وقدّم لي شاياً.

ثم أخذ يتحدث لي عن الشاه ومشاريعه الكثيرة في إيران، وأنه من الواجب عليكم ذكر محامده فوق المنبر، ثم قدم بكلتا يديه جوازي وقام ليودّعني.

قال فقلت له: أسألك بوجدانك وضميرك، هل أنت معتقد بما تقول تماماً وهل تفكر في خلوتك بهذا التفكير حول الشاه، أم أن ضميرك يرى شيئاً غير ذلك؟

قال: فترقرقت عيناه بالدمع ولم يقل شيئاً.

نعم ((كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ))[3].

[1] هو السيد الميرزا مهدي الحسيني الشيرازي (قدس سره) ولد في كربلاء المقدسة (1304هـ) كان عالماً تقياً، ورعاً عابداً، زاهداً كثير الحفظ جيد الخط، وكان صاحب كرامات، وهو (قدس سره) من خيرة تلاميذ الشيخ محمد تقي الشيرازي (رحمه الله) (قائد ثورة العشرين في العراق)، توفي في 28 شعبان عام (1380هـ) ودفن في الحرم الحسيني الشريف.

[2] رئيس جهاز الأمن السابق (السافاك) في إيران، ألقي القبض عليه في الأيام الأولى للثورة بعد رحيل الشاه، وقد تم إعدامه رمياً بالرصاص.

[3] سورة الدخان: 25-29.