المؤلفات |
أزمة الاستبداد |
ومن الأزمات الرئيسة التي يترتب عليها الكثير من الأزمات الأخرى: أزمة الاستبداد. واليوم نجد في كثير من حكومات العالم أو أكثرها الاستبداد الشديد أو الخفيف، المكشوف او المغطى، وذلك: لعدم صحة المناهج الموضوعة للحكم. ولعدم وجود الأحزاب الحرة والمؤسسات الدستورية. ولانعدام الانتخابات الحرة في الأجواء الصالحة. ولتخريب أمثال هذه الأنظمة الإمّعات، ولتبعيد الكفاءات، مما يسبب ترجيح الروابط على الضوابط.. ولغير ذلك(1). |
أزمة القضاء |
أزمة القضاء: وذلك لتغيير الموازين الشرعية حيث لا يعتبر في هذا اليوم في القاضي والشاهد: العدالة والنزاهة.. ولكثرة التواء قوانين القضاء، وجعل المحاماة مهنة لأجل اصطياد المال سواء كان الموكَّل محقّاً أو مبطلاً، مع انها للدفاع عن الحق. وقد قرأت في مجلة(2) نكتة بالنسبة إلى القضاة والمحامين ـ وهو لايصدق على الجميع ـ: قال: ماذا تقول عندما يغرق خمسة آلاف محام في قاع المحيط؟ الجواب: براءة جديدة. وقال: كيف تعرف أن المحامي يكذب؟ الجواب: عندما يحرك شفتيه. قال: ولماذا لا يهاجم سمك القرش المحامي؟ الجواب: لأنهم زملاء في نفس المهنة. قال: وماذا تتصور عندما يدفن المحامي في الرمل حتى رقبته؟ الجواب: لأنه لا يوجد رمل كاف. قال: وكيف تساعد المحامي من الهبوط من فوق الشجرة؟ الجواب: نقطع الحبل. وقال: وكيف تنقذ المحامي من الغرق؟ الجواب: ترفع قدمك من فوق رأسه. وكل ذلك صادق بالنسبة إلى أولئك المحامين الذين يستغلّون نفوذهم ومعرفتهم بخفايا القانون لتحويلها إلى مهنة يبتزون بها رعاياهم من الموكّلين. ومهنة المحامي أصبحت طرفاً حيوياً في كل مسائل الحياة المعاصرة ـ على وجه التقريب ـ خاصة في بعض دول الغرب، بحيث لا تستطيع أن تتحرك خطوة واحدة دون استشارة محام ودون أن تأتيك منه فاتورة باهضة، ولا يقتصر الأمر على مخالفتك القانون، بل إن التعاقدات وإنشاء شركات جديدة والحصول على الهجرة وتسجيل المسكن وما أشبه، كل هذا صار بحاجة إلى محام واحد أو أكثر. بل إن هناك العديد من الزيجات لم تعقد في الكنيسة وفي السجل المدني ولكن في مكتب المحامي، ولا يوجد طلاق في بعض دول الغرب إلا إذا كان المحامي طرفاً فيه، ومن المحتم أن يخرج الزوجان من هذه التجربة خاسرين ويفوز المحامي بكل شيء. ولذا فمن الطبيعي ان تكون النكات بمثل هذه القسوة!، انتهى. وقد ذكرنا في بعض كتبنا(3) ان من السمات البارزة للإسلام سهولة القضاء ويسره بما لا يدع المجال لمثل هذه الأمور. بالإضافة إلى الحريات الكثيرة الموجودة في الإسلام، وعدالة القضاء ونزاهته إلى أبعد الحدود،وشروط الشهود وما أشبه. |
أزمة التأخّر العام |
من الأزمات المستحدثة التأخّر العام الذي شمل المسلمين ثقافيا وصناعياً و..، وذلك بسبب القوانين الوضعية فإنها أسقطت الحريات والمؤسسات والانتخابات، ومنعت الثقافة بمختلف الأساليب والسبل، وتحت ألف إسم وإسم. ولذا ليس لنا اليوم أمثال أولئك العلماء والأدباء والفقهاء الكبار الذين مضوا في طول التاريخ الإسلامي كالطوسي والرضى والمرتضى والمحقق والعلامة والبيروني وابن سينا ونصير الدين الطوسي وصاحب الجواهر وصاحب الحدائق وصاحب المكاسب (رضوان الله عليهم أجمعين). ولا أمثال خيام وسعدي وحافظ وأبي نؤاس والحميري والمتنبي.. ولا أمثال المخترعين الكبار كجابر بن حيان ولا مثل المخترعين في العصر الحديث.. كمن اخترع الطائرة والسيارة والأقمار الصناعية والكهرباء والتلفون والتلغراف والتلفزيون وألف إختراع وإختراع.. ولذا قال أحد أدباء مصر: نحن ضيوف الحضارة وكما أن الضيف لا يرتبط بالبيت في قليل أو كثير لا نرتبط نحن بالحضارة الحديثة في قليل أو كثير. فقد كان المسلمون طيلة القرون الماضية في أيّ بعد من أبعاد الحياة إنما ينشأون في عالم حر لا في عالم مكبوت، وقد كانوا بفضل أخذهم بهدي الإسلام في القرون السالفة أحراراً بكل ما للكلمة من معنى، فنموا ذلك النموّ الهائل وتطوروا حتى صح ان يقال لهم: (آباء العلم)(4). بينما نرى الآن حتى في بعض بلادنا التي تدعي الديمقراطية، لاتوجد هناك حرية كاملة.. فإن كانت فهي حرية نسبية ومثل هذه الحرية لا تكفي بإنماء أمثال أولئك العلماء والأدباء ومن إليهم من الشخصيات المرموقة في أيّ بعد من أبعاد الحياة. فصدق علينا مثل قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (يا بني عبد المطلب لا يأتيني الناس بأعمالهم وأنتم بأنسابكم)(5). وقد قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في وصيته: (الله الله في القرآن فلا يسبقنّكم بالعمل به غيركم) (6). والمراد: أن الغير يأخذ بقسم من القرآن المسبَّب للتقدم والتعالي، وأنتم تتركون ذلك فتتأخرون. وفي الحديث المروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (الإسلام يعلو ولايعلى عليه)(7). فإنه كما يعلو ولا يعلى عليه في الاحتجاج والموضوعات الواقعية من العقائد والأخلاق والشرائع وغير ذلك، كذلك يعلو في الأمور المادية بمختلف أبعادها.. وقد قرأت في مجلة رسمية لإحدى البلاد الإسلامية أن كل فرد من أهل تلك البلاد يطالع في كل يوم ثلاث ثوان، يعني ان كل عشرين شخصاً يطالع دقيقة واحدة، بينما قرأت في مكان آخر أن اليابانيين يطالعون في اليوم بين أربع ساعات وخمس ساعات، أي كل خمسة آلاف من أهل ذلك البلد يعادل فرداً واحداً من اليابانيين. كما سمعت من بعض الإذاعات: إن يهودياً دخل عاصمة قبل عشرين سنة وكان أمله أن يطبع وينشر ملياراً من الكتب خلال خمسين سنة وذلك تأييداً لليهودية العالمية، وأنه من حسن الحظ ـ حسب تعبيره ـ تمكن من ذلك خلال عشرين سنة!. أما نحن؟!! كما أنه في أيام(ماو)(8) طبع من الكتاب الأحمر بأربعمائة لغة، واكثر من ثمانمائة مليون!، بينما القرآن الحكيم على عظمته، مثلاً لم يطبع إلى الآن حسب إطلاعي حتى بأربعمائة لغة، بينما لم يمر على الشيوعية الصينية نصف قرن، وقد مرّ على الإسلام أكثر من أربعة عشر قرناً. إلى غير ذلك من الأرقام المشهورة بالنسبة إلى مختلف الأديان والمبادئ. |
1- للتفصيل راجع كتاب(ممارسة التغيير لانقاذ المسلمين) و(كيف نجمع شمل المسلمين) و(الفقه الدولة الإسلامية) و(الفقه: السياسة) و(السبيل الى انهاض المسلمين) و(الصياغة الجديدة) و… للإمام المؤلف. 2- العربي: العدد 459. 3- راجع(موسوعة الفقه) ج84-85: كتاب القضاء، وج86 كتاب الشهادات. 4- راجع كتاب (موجز تاريخ الإسلام) للإمام المؤلف (دام ظله). 5-وفي بحار الانوار: ج8 ص359 ب27 ح25: قال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): (يابني عبدالمطلب اِني رسول الله اليكم واني شفيق عليكم لاتقولوا ان محمداً منّا فوالله ما أوليائي منكم ولامن غيركم إلا المتقون ألا فلا أعرفكم تأتوني يوم القيامة تحملون الدنيا على رقابكم ويأتي الناس يحملون الآخرة) الحديث. 6- كشف الغمة: ج1 ص432 فصل في ذكر قتله(عليه السلام). 7- المناقب: ج3 ص241، وغوالي الئالي: ج1 ص226 ح118. 8- ماوتسه تونغ(1893-1976م) من رجال الدولة في الصين ومن مؤسسي الحزب الشيوعي فيها، قاد الثورة على النظام الحاكم منذ 1927م ولجأ الى كيانغ سي.. اعلن جمهورية الصين الشعبية 1949. رئيس الدولة 1954ـ 1959 ثم رئيس الحزب الشيوعي، له مؤلفات منها(الكتاب الأحمر الصغير). |